كان جلّ اهتمامي في بداية الأمر محصورا في معرفة ماهية أولئك العباد ، الذين سيبعثهم الله على بني إسرائيل في المرة الثانية ، وخلال هذا البحث اضطررت لطرق مواضيع كثيرة ذات علاقة بموضوع البحث ومنها موضوع هذا الفصل ، الذي يبحث في مسألة العد في القرآن ومحاولة تقدير فترة زمنية لنهاية الدولة اليهودية في فلسطين ، والذي دفعني للبحث في هذه المسألة هو عدم اقتناعي بنتائج ما اطلعت عليه من أبحاث قدمها آخرون .
مسألة العدّ في القرآن
أغلب رجال الدين إلا من رحم ربي ، يُنفّرون من مسألة العدّ في القرآن ، ومنهم من يُنكر ذلك جملة وتفصيلا ، وربما يذهب البعض إلى اتهام من يبحث في هذا الأمر بالسحر والشعوذة والتنجيم . ويتذرّع البعض في معرض إنكاره واستنكاره لمسألة العدّ في القرآن ، بعدم وجود خبر صريح وصحيح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ، أتى من قريب أو بعيد على ذكر هذه المسألة ، وذلك مع علمهم بعدم وجود خبر أو حتى أثر ، يُنكر وجود الإعجاز العددي في القرآن ، أو ينهى عن البحث في أمر إثباته وبيانه !!
القرآن يحدّد فترة زمنية في سورة الروم
قال تعالى :
( غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ، وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ ، لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ، وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ ، يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ ، لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)
1. جاء النص القرآني بفعل ماض مبني للمجهول فأظهر المغلوب ( الروم ) ولم يظهر الغالب ( الفُرس ) .
2. وأضاف نبأ جديدا وهو غلبة الروم مستقبلا لمن غلبهم في الماضي .
3. وحدّد فترة زمنية لتحقّق ذلك ببضع سنين ، والبضع لغةً يقدّر بـ [ 3 – 9 ] سنوات .
4. وأفاد بأن المؤمنين سيفرحون عند تحقّق هذا الأمر .
5. وأكدّ على أنه وعد من الله وأن الله لا يُخلف وعده .
6. وعقّب بقوله ( ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون ) مما يكون من أمر الله .
7. وأما ما يعلمه الناس فهو ظاهر الحياة الدنيا أي الواقع الذي يستشعرونه بحواسهم فقط .
8. أما أمر الغيبيات التي أخبر عنها سبحانه في كتابه ومنها الحياة الآخرة فهم عنها غافلون .
فلو قلنا بأن هذه النبوءة تقول : بأن الروم سيهزمون الفرس في فترة زمنية ، تتراوح ما بين [ 3 – 9 ] سنوات ، سيقول من لم يعلم بظروف هذه النبوءة ، ولم يعلم أن البضع في لغة العرب يساوي ( 3 – 9 ) أن هذا الذي نقول غير موجود في القرآن نصاً ، فكيف عرفت أن الذين سيُهزمون هم الفرس ؟ وأن ذلك سيتم في فترة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد عن 9 سنوات ؟
نلاحظ أن هذه النبوءة كانت واضحة بالنسبة للمسلمين من حيث من سيغلب من ، ولكن زمن التحقّق جاء فضفاضا إذ لم يشأ سبحانه مع علمه ، الكشف عن الزمن بشكل دقيق ، ولكنه أعطى فترة زمنية على مدى 6 سنوات تقريبا ، ليُترك المجال لجريان الأسباب والمسبّبات ، التي من شأنها أن تترجم النبوءة على أرض الواقع ، دون تعطيل من البشر من جرّاء العلم المسبق بحيثياتها .
ولو تمعنّا في التعقيب الأخير في الآية (7) على مجمل ما أخبر عنه سبحانه في الآيات السابقة لها ، ستجد أن هناك حكمة إلهية من الإخبار عن شأن هذا الحدث المستقبلي ، ألا وهي زفّ البشرى للمؤمنين بحتمية النصر مستقبلا ، فكما تحقّقت هذه النبوءة وهذا الوعد على أرض الواقع ، فسيُنجز الله كل ما وعد به في كتابه الكريم ، ليزداد المؤمنون إيمانا ويقينا بصدق كل ما حواه هذا الكتاب من شأن الدنيا والآخرة ماضيا وحاضرا ومستقبلا ، وصدق من أنزله وصدق وأمانة من أُرسل به هدى ورحمة للعالمين .
الحكمة الإلهية من كشف بعض الغيب للناس في الكتب السماوية
تراوحت غايات الإخبار عن أنباء المستقبل ما بين البشارة والنذارة ، وأهم الأنباء المستقبلية التي يريد رب العزة أن يتيقن منها الناس هي اليوم الآخر ، بما فيه من بعث وحساب وثواب وعقاب ، وهذه الحقيقة تكاد لا تخلو أي من سور القرآن من ذكرها والتذكير بها ، إذ أن مؤدى إنكار اليوم الآخر حتى ولو قُرن مع الإيمان بالله هو عبث وعبثية ، ليُصبح إحسان الإنسان مرتبط بما يتحصّل عليه من مكاسب دنيوية فقط ، وبذلك يفسد الناس وتفسد الأرض فيحل بهم الهلاك ، ولذلك عقّب سبحانه بعد الإخبار عن هذه النبوءة بقوله ( … وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7 الروم ) .
وقد جاءت أخبار النبوءات المستقبلية في القرآن والسنّة مسبقا ، لتتحقّق في أزمان يكون المؤمنين فيها ، بأمس الحاجة لما يقوي إيمانهم ويُثبّتهم على دينهم ويشدّ من أزرهم ، في مواجهة أهل الكفر والفسوق والعصيان ، كما هو الحال مع النبوءة السابقة . وجاءت أيضا لتتحقّق في أزمان يكاد فيها الإيمان أن يلفظ أنفاسه الأخيرة لتُعيد له الحياة في قلوب أصحابه ، ولينفضوا ما علق بأرواحهم وما أغشى أبصارهم وبصائرهم من رماد هذه الدنيا ، التي أوشكت على الفناء . فإذا ما عاصر الناس تحقّق نبوءة على أرض الواقع مما أخبر به القرآن ، أثبت هذا القرآن للناس بشكل قاطع وملموس محسوس بأنه من لدن حكيم عليم عالم للغيب والشهادة ، وأن لا بد للناس من المثول بين يديه فالموت ليس نهاية المطاف ، بل هو بداية رحلة لا نهاية لها من الشقاء أو السعادة .
سورة الكهف
كنت قد قرأت فيما سبق بعضا من كتب الإعجاز العددي في القرآن ، ومن ضمنها كتاب بسام جرار بعنوان ( إعجاز الرقم 19 ) حيث قال بسام جرار فيه :
كنت أقرأ سورة الكهف فخطر ببالي أن أحصي الكلمات من بداية قصة الكهف ( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ ) وعندما وصلت إلى الآية (25) : ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ) وإذا بالكلمة التي تأتي بعد هذه العبارة مباشرة هي الكلمة رقم (309) ونحن نعلم أنهم لبثوا في كهفهم (309) سنوات كما نص القرآن الكريم .
* كان هذا نقلا حرفيا لما جاء في الكتاب ، وكان هذا الكتاب سابقا لكتاب ( زوال إسرائيل ) بعدة سنوات .
عندما قرأت هذه المعلومة أحببت أن أتأكد من صحتها ، فقمت بإجراء نفس عملية الإحصاء آنذاك فتبيّن لي صحة الخبر . ظننت في بادئ الأمر أن المقصود هو إظهار التوافق العددي اللغوي ، ما بين عدد السنين التي لبثها هؤلاء الفتية في الكهف ، وعدد كلمات القصة التي تروي خبرهم ، وهو بحدّ ذاته شيء جميل وعجيب . ولكن عندما رغبت في البحث في مسألة زوال إسرائيل فيما بعد حيث لم أقتنع بحسابات بسام جرار ، أصبح لهذا المثال المطروح في سورة الكهف معنىً أخرا .
تصفّحت سورة الإسراء مرارا وتكرارا ، ولفت انتباهي أن موضوع السورة بشكل عام هم بني إسرائيل أنفسهم وبني إسرائيل هو الاسم التوقيفي للسورة ، كما ورد في جميع الأحاديث والروايات التي جاءت على ذكرها ، وأما ما تُركّز عليه السورة بشكل خاص هو قصة المرتين ، وما فيهما من إفساد وعلو ووعد لكل منهما ، والملاحظ أن القصة لها بداية ولها نهاية . قمت بالمقارنة بين القصتين وفي مخيلتي تساؤل مفاده ، أليس من الممكن أن يكون سبحانه قد طرح هذا المثال الموجود في سورة الكهف ، لكي نقوم بتطبيقه في سورة الإسراء لاستخراج موعد هلاك بني إسرائيل في المرة الثانية ؟!
وجعلنا لمهلكهم موعدا
تُركّز سورة الإسراء بشكل كبير على ذكر وعد الآخرة ، وهو وعد بهلاك بني إسرائيل وزوال دولتهم ، وهذا الوعد له موعد ويقول سبحانه وتعالى في سورة الكهف ، التي تلي سورة الإسراء مباشرة ( … بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48) … بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ … (58) وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ، وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا (59) هذا التكرار لكلمة موعد والتأكيد على أن هناك موعد أمر ملفت للنظر . حاولت في البداية إيجاد أوجه الشبه بين السورتين ، ومن ثم عُدّت إلى سورة الكهف وقمت بدارسة وتحليل المثال المطروح فيها ، فخرجت منه بعدة قواعد رياضية فتملكني شعور آنذاك ، أن هذا المثال إنما وُضع ليكون بمثابة مفتاح ، للكشف عن موعد هلاك بني إسرائيل في سورة الإسراء .
قصة أصحاب الكهف
بعد إطلاعي على قصة أصحاب الكهف ، من خلال كتاب ( أهل الكهف ) لإحدى دور النشر الأردنية - لا أذكر اسم المؤلف - الذي يؤكد فيه المؤلف ، أن الكهف المعني هو الكهف الموجود بالقرب من العاصمة الأردنية ، وأن أحداث القصة وقعت بعد وفاة عيسى عليه السلام ، وقبل بعث محمد عليه الصلاة والسلام ، حيث كانت الإمبراطورية الرومانية الوثنية آنذاك مسيطرة على المنطقة ، وأن القضية التي كانت مطروحة آنذاك هي مسألة البعث بعد الموت ، التي كان ينكرها الوثنيّون الرومانيون واليهود الخاضعين لسيطرتهم كذلك .
والحكمة من جرّاء تنويمهم ومن ثم بعثهم ، ومن ثم العثور عليهم من قبل أهل المدينة ، كانت لإثبات البعث بعد الموت لدى أُناس ذلك العصر من وثنيون ويهود ، وهذا ما يُخبر عنه سبحانه وتعالى صراحة في قوله ( وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ ، لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ، وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا ، إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ … (21) أي أن الله أعثر أُناس تلك المدينة المجاورة للكهف لكي يعلم أولئك الناس بـ ( أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ _ بالبعث بعد الموت _ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا ) . ومجيء قصة أصحاب الكهف في القرآن لم يكن في الأصل لطرح التساؤلات عن عددهم وعن مدة لبثهم ، فهذا أمر لا طائل منه ولا فائدة فيه فهو سبحانه ينهى عن ذلك بقوله ( فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرَاً وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدَاً (22 الكهف ) وقد قرّر سبحانه عددهم بقوله ( وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ( 22 الكهف ) إذ استثنى هذه العبارة من قوله ( رجما بالغيب ) واقتصرها على الأقوال السابقة فقط . وأما مدة لبثهم فقد قرّرها في قوله ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) وقوله ( قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ، لَهُ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ (26 الكهف ) تأكيد على أن ما أخبر عنه من مدة لبثهم هو الحق ، فهو أعلم بغيب الماضي والمستقبل كما أكدّ على إخباره عن عدّتهم فيما سبق .
لا يُمكن إحصاء السنين
نخلص من ذلك ، إلى أن المسألة المراد التركيز عليها هي شيء آخر غير إحصاء عددهم أو مدة لبثهم ، هي إشارات لدرس رائع في الرياضيات الإلهية ، ولتوضيح هذا الدرس سنبدأ مع بداية القصة حيث لخّص سبحانه القصة كاملة في أربع آيات ، في قوله ( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ ءَايَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا ءَاتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى ءَاذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) هذا الملخّص يقول : أن أصحاب الكهف فتية لجأوا إلى الكهف ، وطلبوا من ربهم أن يرحمهم وأن يُهيئ لهم سبيلا للنجاة من قومهم ، فأسلمهم سبحانه للنوم في الكهف عددا من السنين ثم بعثهم ، ثم علّل أمر نومهم ثم بعثهم بأنه يريد أن يعلم من أحصى ممن لم يُحصِ مدة لبثهم في الكهف من عدد السنين .
وتعليل النوم والبعث حقيقة كنا قد أوضحناه سابقا ، ولكن الملفت للنظر هنا هو تعليل البعث في بداية القصة على غير الوجه الحقيقي له ، بقوله تعالى ( لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا ) إذ لا يُعقل أن يكون المقصد الحقيقي هو معرفة من أحصى مدة اللبث ممن لم يُحصِها . وفي الواقع فإن الأمد ( أي الفترة الزمنية ) لا يُحصى إحصاءً وإنما يتحصّل بالحساب . ولو فكّرت في معنى الإحصاء رياضيا لوجدت أن هذا الذي جاء في الآيتين غير منطقي من الناحية الرياضية العملية ، فعملية الإحصاء والعدّ لا يمكن القيام بها إلا إذا كان المراد إحصاءه أو عدّه ماثل أمامك عيانا ، كأن تحصي مجموعة من الأشياء . أما أن تحصي شيئا لا تلمسه بيديك أو تراه بعينيك فهذا أمر مستحيل . وأما بالنسبة للسنين فلا يُمكن بأي حال من الأحوال إحصائها أيضا ، لأنها ليست أشياء قابلة للعدّ وإنما تتحصل معرفتها بالحساب ، فهي نتيجة لجمع عدد من الشهور ، والشهور نتيجة لجمع عدد من الأيام . وعلى سبيل المثال ، إذا أردت معرفة عمر شخص ما أو عمر أُمّة ما ، فما ستقوم به هو عملية طرح للتواريخ لتحصيل عدد السنين ، التي تُمثّل عمر ذلك الشخص أو عمر تلك الأمة .
الإحصاء لمدة اللبث
وبالتالي نستطيع القول بأن هذا التركيب اللغوي ، جاء ليلفت انتباهنا إلى ما جاء في هذه القصة من إعجاز عددي لغوي ، ولإحصاء أشياء ماثلة أمام أعيننا ألا وهي كلمات القصة ، التي توافق عدد السنين التي لبثها أصحاب الكهف في كهفهم ، والتي إن قمت بإحصاءها ستكون في الحقيقة قمت بعدّ مدة اللبث بالسنين ، لأن عدد الكلمات يوافق عدد السنين ، ويقول سبحانه تعقيبا على هذا الإعجاز فيما يلي القصة من آيات ( لَهُ غَيْبُ الْسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ) أي ما كشفه من شأن هؤلاء الفتية من غيب الماضي ( أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ (26) وكأنه حثّ على إمعان النظر فيما بين يديك من إعجاز وكشفه والإخبار عنه ، ويؤكد سبحانه من خلال هذا التوافق العددي في نهاية القصة أن ( لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِه ( 27 الكهف ) كما أكدّ أيضا في سورتي الأنعام ويونس بقوله ( وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ (34) ( لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ (64) ليتبين لك أن لا تبديل لمواقع الكلمات فيه ولا زيادة فيه ولا نقص ، وهذا ما تثبته هذه السورة وسورة الإسراء أيضا مصداقا لقوله تعالى ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الْذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9 الحجر ) وقوله ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82 النساء ) .
يقول سبحانه ( أحصى لما لبثوا أمدا ) نتبين من ذلك ، أن المراد هو إجراء عملية إحصاء أو عدّ ، وأن المراد إحصاؤه _ حسب ظاهر النص القرآني - هو مدة اللبث ، وبما أن إحصاء مدة اللبث مُتعذّر فالإحصاء سيكون لأشياء تُمثّل هذه المدّة ، ألا وهي الكلمات الماثلة أمامنا والتي تُشكل أحداث القصة ، لنستطيع من خلال إحصائها معرفة عدد سنين مدة اللبث ، وكأنه سبحانه أراد أن يُعلمنا درسا رياضيا نستطيع من خلال القواعد التي سنستنبطها منه ، من استخراج عدد السنين لمدة لبث أُناس ، كان قد سبق ذكرهم في السورة التي سبقت سورة الكهف ، وهذا يعني أن مدة لبثهم لها نهاية بهلاكهم والمشار إليها بوعد الآخرة .
طريقة العدّ في سورة الكهف
( أَمْ1 حَسِبْتَ2 أَنَّ3 أَصْحَابَ4 الْكَهْفِ5 … … وَلَبِثُوا306 فِـي307 كَهْفِـهِمْ308 ( ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا )309(25)
تبدأ القصة من الآية (9) بعبارة ( أم حسبت ) وتنتهي في الآية (25) بعبارة ( ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا ) . نلاحظ أن كلمة ( كهفهم ) تحمل العدد ( 308 ) وأن العدد الذي يلي العدد (308) هو (309) وبدلا من أن ينتهي العدّ عند الكلمة التي تلي كلمة ( كهفهم ) مباشرة بقولنا : ثلاثمائة وتسعة جاء سبحانه بعبارة ، تحكي العدد نفسه بالكلمات ( ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا ) لتحمل العبارة كاملة العدد ( 309 ) .
وقوله سبحانه ( ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا ) وعدم قوله ( تسع وثلاثمائة )جاءت ليُعلّمنا قاعدة حسابية لحساب الفرق بين السنين الشمسية والسنين القمرية ، بإضافة 3 سنوات لكل 100 شمسية لنحصل على ما يُعادلها بالقمرية ، حيث أن كل (100) سنة شمسية تعادل (103) سنوات قمرية تقريبا . ومفاد هذه العبارة أنهم لبثوا (300) سنة شمسية و(309) سنة قمرية ، والأهم من ذلك أن عدد الكلمات جاء متفقا مع مدة لبثهم بالسنين القمرية ، أي أن كل كلمة مثّلت سنة قمرية لا شمسية . وبناء على ذلك وعند استخدام هذه الطريقة في سورة الإسراء سنتعامل مع السنين القمرية .
قواعد الإحصاء في سورة الكهف :
1. الإحصاء للكلمات إذ لا يُمكن إحصاء السنين .
2. الكلمة لغة هي التي تتكون من حرفين فما فوق .
3. بداية العدّ كانت من بداية قصة أصحاب الكهف .
4. قصة أصحاب الكهف سبقتها مقدمة تكوّنت من 8 آيات ولم تشملها عملية العدّ .
5. أن بعض الآيات التي وردت ضمن القصة دخلت كلماتها في العدّ مع أن علاقتها بالقصة ليست ظاهرة كالآيات ( 23 ، 24 ) .
6. أن نهاية العدّ كان بانتهاء القصة .
7. أن عدد الكلمات توافق مع عدد السنين التي لبثوها في الكهف إذ أن كل كلمة تمثل سنة .
8. أن كل كلمة تمثّل سنة قمرية ، ذلك لأن نتيجة العدّ كانت 309 كلمات قد توافقت مع مدة لبثهم بالسنين القمرية .
قابلية هذا المثال للتطبيق على سورة الإسراء
قال تعالى ( فَضَرَبْنَا عَلَى ءَاذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) لو أمعنت النظر فيما تحته ، لوجدت أن الظاهر يقول أن بعثهم كان لأن الله سبحانه وتعالى ، أراد أن يعلم أي الحزبين أحصى ! ... أحصى ماذا ؟ أحصى مدة ما لبثوا في الكهف من عدد السنين . أي أن المراد من الإحصاء هو معرفة عدد السنين ، في المقابل نجد في الآية (12) من سورة الإسراء عبارة تقول ( ولتعلموا عدد السنين والحساب ) للإشارة إلى أن السورة ، تحمل بين ثناياها معرفة لعدد سنين تتحصل بالعدّ والحساب ، تخصّ أُناس سبق ذكرهم فيما ورد من آيات سبقت هذه العبارة .
وللفت الانتباه إلى أن الإحصاء متعلق بمدة اللبث ، تكرّر ذِكر مشتقات هذه الكلمة (6) مرات في سورة الكهف ، وهي ( لَبِثُوا ، لَبِثْتُمْ ، لَبِثْنَا ، لَبِثْتُمْ ، وَلَبِثُوا ، لَبِثُوا ) في الآيات ( 12،19،25،26 ) . وفي المقابل نجد أن مشتقات هذه الكلمة تكرّرت مرتين في سورة الإسراء ، في قوله سبحانه ( وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا (52) وقوله ( وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) يُقال أن المقصودين في هاتين الآيتين هم مشركي قريش حصرا ، وهذا القول غير صريح . ولو أنك تتبعت النص منذ البداية ، لوجدت أن القول الأول قيل لمنكري البعث وعلى رأس القائمة في إنكار البعث هم اليهود .
ولو أنك تتبعت النص من قوله تعالى ( وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ … وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ ، لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا ، وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) لوجدت أن القول الثاني قيل في اليهود حصرا ، حيث تؤكد معظم الروايات أن هذه الآيات مدنية ، ولو تمعنّت في قوله تعالى ( وإن كادوا ليفتنونك ) وتساءلت عمن له القدرة على فتنة الرسول عليه الصلاة والسلام ، أهم أهل الكتاب أم عبدة الأصنام ! ولو تمعنّت في قوله تعالى ( وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليُخرجوك منها ) وتساءلت عمن حاولوا استفزاز الرسول عليه الصلاة والسلام ، لإخراجه ولم يُكتب لهم النجاح ! لو قلت أنهم اليهود عندما أرادوا منه أن يخرج معهم ، من أرض الجزيرة ككل إلى الأرض المقدّسة ليُعيد لهم ملكهم المنقرض ، لكان ذلك أقرب إلى العقل والمنطق ، وهناك روايات تؤكد ذلك . ولو قلت أنهم مشركي قريش فقد جانبت الصواب ، لأنهم قد استفزّوه بالفعل وأخرجوه من بلدته حقيقة .
أوجه التشابه :
أولا : ذكر أحد مشتقات لفظ اللبث في السورتين ، وهو لفظ يأتي أينما ورد في القرآن ، للإشارة إلى مدة زمنية ، ( قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ (259 البقرة ) ، ( فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42 يوسف ) ، ( فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ (40 طه ) ، ( إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103 طه ) ( قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112 المؤمنون ) ، ( فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا (14 العنكبوت ) .
ثانيا : ذكر لفظ يُشير إلى الإحصاء أو العدّ في السورتين ( سِنِينَ عَدَدًا … أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ) في الكهف ( وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ) في الإسراء بإضافة لفظ الحساب .
سورة الإسراء
( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَــابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا(4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا(5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا(6) إِنْ أحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا(7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ، وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا(
في المثال الوارد في سورة الكهف والذي أشرنا إليه آنفا ، نجد أن عملية العدّ بدأت من حيث بدأت قصة أصحاب الكهف وانتهت مع نهايتها ، وحيث أن عدد الكلمات في القصة جاء ليوافق مدة لبثهم بالسنين القمرية ، نجد أن عملية العدّ توقفت عند قوله تعالى ( ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا ) وهي العبارة التي أوحت بتمام القصة .
عند النظر في مقدمة سورة الإسراء نجد أن هناك قصة تروى هي قصة مرتي الإفساد الإسرائيلي في الأرض ، ونلاحظ هنا أن الإفساد الإسرائيلي سيتحصل لثلاث مرات اثنتان منهما مقترنة بالعلو وأخرى غير مقترنة ، وأن هناك ثلاث وعود بالعقاب لكل منها ، وكنا قد أوضحنا في الفصول السابقة أن وعد المرة الأولى قد نفذ في الماضي ، ونحن الآن بصدد نفاذ وعد المرة الثانية .
عند تأمل مقدمة السورة نجد أن البداية الحقيقية لقصة المرتين هي قوله تعالى ( وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب … ) وأن ما سبقها من آيات كانت مجرد مقدمة للدخول في أجواء القصة ، كما كانت هناك مقدمة في سورة الكهف سبقت قصة أصحاب الكهف للدخول في أجواء القصة أيضا ، في السابق كان لدينا احتمالان للعبارة التي تُشير إلى تمام الحديث عن وعد الآخرة ، وهما قوله تعالى ( وليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد … ) وقوله تعالى ( كما دخلوه أول مرة … ) ، والخيار وقع على الاحتمال الأول في إصداراتنا السابقة وعليه بنينا بعضا من استنتاجاتنا وهو ما ثبت خطأه لاحقا ، والآن لم يبقى لدينا إلا الاحتمال الثاني ، وهو أن يبدأ العدّ من قوله تعالى ( وَقَضَيْنَا1 إِلَى2 بَنِي3 إسْرائِيلَ4… ) في الآية الرابعة من بداية السورة وأن ينتهي عند قوله تعالى ( كَمَا57 دَخَلُوهُ58 أَوَّلَ59 مَرَّةٍ60… ) في الآية السابعة ، ليكون عمر الدولة الإسرائيلية المحتمل هو ستون سنة قمرية ، وقد تكون نهاية هذه الدولة - إن صح هذا التقدير - في السنة الستون من عمرها أو عند تمامها أو بعد تمامها .
الموعد المحتمل لنهاية إسرائيل
ولتحديد الموعد المحتمل لنهايتها - أي نفاذ وعد الآخرة - بالتقويمين الهجري والميلادي سنُضيف ستين سنة قمرية إلى تاريخ إعلان قيامها بالتقويم الهجري ، مع العلم أن تاريخ إعلان قيام الدولة الإسرائيلية هو 15 / 5 / 1948م ، ويقابل هذا التاريخ بالتقويم الهجري 6 / رجب / 1367 هـ ، ورجب هو الشهر السابع في السنة الهجرية .
60 سنة قمرية + 6 / 7 / 1367هـ = 6 / 7 / 1427 هـ
وبذلك تكون إسرائيل قد أتمت السنة الستون من عمرها بتاريخ 5 / رجب / 1427هـ والذي يُقابله بالتقويم الميلادي 30 / 7 / 2006م ، وقد تكون نهاية إسرائيل في بحر السنة التي تسبق هذا التاريخ على أقرب تقدير أو في بحر السنة التي تليها على أبعد تقدير والله أعلم .
الموعد المحتمل لنهاية أمريكا
كنا قد أوضحنا بالفصل السابق إلى أن قوله تعالى ( وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ) جاء لتأكيد حتمية زوال العلو اليهودي من الأرض على عمومها سواء كان في فلسطين أو في أمريكا ، وبما أن هذه العبارة توحي بتمام زوال العلو بشكل مطلق من كل أرجاء الأرض ، فهذا يعني بالضرورة زوال الجبروت الأمريكي المسيطر عليه يهوديا بدمار أمريكا وبريطانيا واندثارهما تماما حتى لا يبقى لليهود في شتى بقاع الأرض من مقومات العلو والسيادة ما يعينهم على إفسادهم في الأرض .
ولتحديد الموعد المحتمل لنهاية أمريكا سنضيف 64 سنة قمرية هي عدد الكلمات منذ بداية القصة حتى نهاية عبارة ( وَلِيُتَبِّرُوا61 مَا62 عَلَوْا63 تَتْبِيرًا64 … ) إلى تاريخ إعلان قيام إسرائيل ، أو 4 سنوات قمرية هي عدد كلمات هذه العبارة إلى أقصى موعد لنهاية إسرائيل .
وبما أن 5 / رجب / 1427 هـ ، هو آخر أيام السنة الـ 60 من عمر إسرائيل فإن أقصى موعد لنهاية أمريكا هو :
4 سنوات قمرية + 5 / 7 / 1427هـ = 5 / 7 / 1431 هـ
ويقابله بالتقويم الميلادي : 16 / 6 / 2010م
* بنيت الاستنتاجات أعلاه على اعتبار أن عبارة ( كما دخلوه لأول مرة ) هي تمام الحديث عن وعد الآخرة ، وأن عبارة ( وليتبروا ما علوا تتبيرا ) هي تمام الحديث عن زوال العلو اليهودي الكبير الوارد ذكره في الآية الرابعة من بداية القصة ، وقد يكون هذا الاعتبار خاطئا لاحتمال أن يكون نفاذ وعد الآخرة يشمل زوال العلو اليهودي في فلسطين وأمريكا ، فقد تتزامن النهايتان مع نهاية العبارة الأولى أو مع نهاية العبارة الثانية والله أعلم .
الموعد المحتمل لعودة عيسى عليه السلام ، والقضاء على الدجال وأتباعه اليهود
قلنا في تفسير قوله تعالى ( وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ) بأنها تُخبر عن عودتهم للإفساد وعودة الله عليهم بالعقاب على يد عيسى عليه السلام والمهدي ومن معهما من المؤمنين ، ولتحديد الموعد المحتمل للعقاب النهائي لبني إسرائيل سنضيف 71 سنة قمرية هي عدد الكلمات منذ بداية القصة حتى نهاية عبارة ( … وَإِنْ69 عُدْتُمْ70 عُدْنَا71 … ) إلى تاريخ إعلان قيام إسرائيل ، أو 11 سنوات قمرية إلى أقصى موعد لنهاية إسرائيل حيث كلمة ( عدنا ) تحمل العدد ( 11 ) بعد نهاية الحديث عن وعد الآخرة في قوله تعالى ( كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ60 ) .
11 سنة قمرية + 5 / 7 / 1427هـ = 5 / 7 / 1438 هـ
ويقابله بالتقويم الميلادي : 1 / 4 / 2017م
الموعد المحتمل لخروج المهدي
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( ثُمَّ يَخْرُجُ فِي آخِرِ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ ، … ، يَعِيشُ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيَاً ، يَعْنِي حِجَجَاً ) رواه الحاكم وصحّحه الألباني وأخرجه الترمذي ( … إِنْ قُصِرَ فَسَبْعٌ وَإِلَّا فَتِسْعٌ ) وأحمد ( … يَمْلِكُ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا … ) و ( … خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا ) وأبو داود ( … يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ ) وابن ماجه ( إِنْ قُصِرَ فَسَبْعٌ وَإِلَّا فَتِسْعٌ … ) كلّهم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ .
ومن المرجّح لدينا أن خروج المهدي سيكون بعد زوال أمريكا وقبل خروج الدجال ، وستنتهي خلافته بنزول عيسى عليه السلام وتسليمها له والله أعلم ، ومتوسط مدة خلافته إذا أخذنا بعين الاعتبار اختلاف الروايات هو سبع سنوات ، فإن صحّ هذا التقدير نستطيع حساب موعد خروجه بطرح ( 7 ) سنوات ، من الموعد المتوقع لنزول عيسى عليه السلام ( 1438 ) :
1438هـ – 7 = 1431هـ
ويقابله بالتقويم الميلادي : 2010م
التأريخ لقيام دولة إسرائيل في سورة الإسراء
من الملفت للنظر أمر تكرار ذكر بني إسرائيل وتكرار ذكر وعد الآخرة في بداية السورة وفي نهايتها ، وأثناء محاولاتي المتكرّرة للربط العددي بين ذكريهما في بداية السورة ونهايتها ، تبين لي ما يلي :
أنك إذا قمت بإحصاء الكلمات من عبارة ( وَقَضَيْنَا1 إِلَى2 بَنِي3 إسْرائِيلَ4… (4) في بداية السورة ، حتى تصل إلى عبارة ( … وَكَانَ1364 الْإِنْسَانُ1365 قَتُورًا1366 (100) وَلَقَدْ1367 آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ … (101) في نهاية السورة ، ستجد أن الكلمة الأولى في بداية الذكر الثاني لبني إسرائيل في السورة ، جاءت لتحمل العدد ( 1367 ) وهذا العدد في الواقع ، يمثل السنة التي قامت فيها دولة إسرائيل بالتقويم الهجري ، وهو موعد استيلائهم الفعلي على أرض فلسطين وبدء استيطانهم فيها وتجمّعهم من شتى بقاع الأرض .
وإذا قمت بعدّ الكلمات من قوله تعالى ( فَإِذَا1 جَاءَ2 وَعْدُ3 الْآخِرَةِ4 لِيَسُوءوا5 … في الآية رقم (7) بداية السورة إلى ما قبل عبارة ( فإذا جاء وعد الآخرة … في الآية رقم (104) نهاية السورة وتوقفت عند عبارة ( اسكنوا الأرض ) في قوله ( وَقُلْنَا … لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا1366 الْأَرْضَ1367 … (104) لوجدت أنك قد توقفت عند نفس العدد (1367) .
وربما كان هذا الكشف عن موعد إعلان قيام دولة إسرائيل في سورة الإسراء من خلال عملية العدّ باتباع نفس الطريقة التي استخلصناها في سورة الكهف هو ما أضفى على موضوع هذا الفصل بعضا من المصداقية ، أما فيما يتعلق بإضافة هذا الفصل إلى الكتاب قبل نشره فكنا نراوح بين رأيين ، يقول الأول بأن الطرح المقدّم في الكتاب من القوة بحيث لا يحتاج إلى إضافة هذا الفصل إذ أنه سينعكس سلبا على الكتاب عند الكثير من الناس وخاصة عند من يعتبرون مسألة العدّ في القرآن ضربا من الشعوذة ، وأما الرأي الثاني فيقول بأن إضافة هذا الفصل ستجلب قرّاء للكتاب ما كانوا ليقرءوا هذا الكتاب لولا وجود هذه المسألة ، وإن صحّ ما ورد فيه من مواعيد سيضاعف قوة الطرح أضعافا مضاعفة ، وغايتنا أولا وأخيرا هي نصرة كتاب الله من خلال بيان ما جاء فيه من أنباء تتحدث عن حاضرنا ومستقبلنا ، وفي النهاية حسمنا الأمر بإضافة هذا الفصل بعد إبداء كل من عارض الإضافة ممن تمت استشارتهم عن رغبته في الاطلاع على محتوى هذا الفصل .
تحذير
كل ما ورد في هذا الكتاب هو مجرد أفكار ورؤى وتصوّرات شخصية للمؤلف داعبت مخيلة المؤلف منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي ، وخوفا من إثم الكتمان وحجب علم من كتاب الله عن الناس كان لزاما علينا كشف ما منّ الله به علينا من علم ، وقمنا بتأليف الكتاب ونشره بمجهود فردي مع ضيق الوقت وعدم التفرغ على نشره على أوسع نطاق آملين أن ينتفع به الناس في دينهم ودنياهم مجانا بلا مقابل وتحت اسم مستعار إذ لا مطمع لنا في مكاسب دنيوية نجنيها من وراء هذا العمل والله من وراء القصد .
نود أن نلفت انتباه الأخوة القرّاء إلى أن هذه القراءة العددية ناتجة عن تقديرات شخصية من الممكن أن تخطئ كما أنها من الممكن أن تصيب ، وإصابتنا في أحد هذه المواعيد - فيما لو حصلت - فذلك لا يعني بالضرورة إصابتنا في المواعيد الأخرى ، والتصديق بهذه مسألة من عدمها متروك لقناعة القارئ الشخصية ، فإن أخطأنا فمن أنفسنا وإن أصبنا فمن الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله والله ولي التوفيق .
قال تعالى
( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ ، عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْءَانِ ، لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)
( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ ، فِي هَذَا الْقُرْءَانِ ، مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ، فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89)
( الإسراء )