في ذكر العدوان البربري على غزة...طبول الحرب على وقع سنة تمضي ...

طبول الحرب على وقع سنة تمضي ...

الرابط : سياسة واخبار
اسيا العتروس من تونس
ايام قليلة باتت تفصلنا عن احداث عام يمضي ليطوي صفحاته بمختلف احداثها و تطوراتها و اخر يستعد لفتح اول صفحاته مع حلول العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين وهي بالتاكيد ايام ستشهد سباقا مفتوحا حتى اخر اللحظات للتوقف عند اهم و اخطر الاحداث التي مضت و لكن ايضا لاستقراء ما يمكن ان تحمله الايام القادمة من انباء او مواعيد او مفاجات ...ولعل اكثر ما يمكن ان يشغل كل مراقب للاحداث ان تؤول الساعات المتبقية الى حرب جديدة تهدد الامن والسلم و تسبب المزيد من الجروح و الالام و تضاعف اعداد الاسرى و المهجرين و المشردين والايتام والارامل .بل لاشك ان الرسائل التي من شانها ان تؤشر الى حرب دموية جديدة في الشرق الاوسط لم تعد خفية امام صخب طبول الحرب القادمة من تل ابيب .
ثلاث اسباب على الاقل من شانها ان تؤكد انه اذا لم يحدث ما يمكن ان يمنع اسرائيل من المضي قدما في تنفيذ سياستها العدوانية فان المرجح ان يكون قطاع غزة المحاصر منذ اربع سنوات مسرحا لحرب انتقامية ستكون الفصل الثاني من عملية الرصاص المصبوب التي شنتها القوات الاسرائيلية على اهل القطاع قبل سنتين.
- اما المؤشر الاول والذي لا يمكن ان يخفى على اعين مراقب فهو بالتاكيد يرتبط بالاستعدادات الميدانية وبحالة التاهب القصوى للقوات الاسرائيلية على الحدود مع القطاع والتعزيزات العسكرية والدبابات و المدرعات المزودة بنظام دفاعي خاص بما لا يمكن ان تكون مجرد نزهة في الاراضي الفلسطينية او عملية استعراض للامكانيات العسكرية الاسرائيلية العملاقة.
-كل ذلك طبعا الى جانب المؤشر الثاني المتمثل في الحرب النفسية المعلنة عبرالتهديدات المتواترة من جانب المسؤولين السياسيين والعسكريين في تل ابيب بانه لا مجال للتردد في مهاجمة القطاع بدعوى التصدي للصواريخ الفلسطينية, فضلا عن الحملة الدعائية التي تسوق لها الة الدعاية الاسرائيلية لدى الراي العام الدولي و العالمي بما يمكن اعتباره اعلانا لم يعد مبطنا بان خطط الحرب باتت جاهزة.
والواقع ان التصعيد الاسرائيلي قد وجد في مواقف المنسق الخاص للامم المتحدة في الشرق الاوسط روبرت سيري مظلة للتستر بها اوربما اعتبارها بمثابة الضوء الاخضرلاستهداف القطاع مجددا بعد وصف المسؤول الاممي الهجمات الصاروخية التي تطلقها فصائل فلسطينية في غزة على اسرائيل بانها انتهاك واضح للقانون الانساني الدولي و خطر على حياة المدنيين ليساوي في ذلك بين الجلاد و الضحية و يتبنى سياسة الكيل بالمكيالين متجاهلا جرائم الاحتلال و خروقاته و انتهاكاته لابسط قواعد حقوق الانسان المتعارف عليها في القوانين الانسانية الدولية واتفاقيات جنيف الرابعة لحماية حقوق الانسان في حالات السلم او الحرب .واخر سلسلة تلك الجرائم ما حدث قبل ايام من اغتيالات عشوائية اسهدفت خمسة من النشطاء الفلسطينيين في غزة دون ان يحرك ذلك ساكنا لدى المسؤول الاممي او غيره من المبعوثيين الدوليين الى المنطقة ..
لقد اظهرت التجارب وعلى مدى العقود الماضية ان اسرائيل لا يمكن ان تتردد في تصدير ازماتها الداخلية الى الخارج و اللجوء الى اسوا السيناريوهات لتحويل انظار الراي العام الاسرائيلي و الدولي معا عن ممارساتها لوقف الاستيطان وقبرجهود السلام ...و لعل في مختلف هذه المؤشرات وغيرها ما يدعو الى ضرورة الترفع على المصالح الضيقة و المساومات و الابتزازات و تغيير قواعد اللعبة عربيا فلسطينيا وعربيا و دوليا و الخروج عن دائرة الانتظار السلبي و الصمت المقيت لاستباق الاحداث ووقف قرع طبول الحرب ووضع حد لامتهان الاحتلال الاسرائيلي
لقيمة البشر وتجنيب اهل القطاع ماساة جديدة قد لا يكون بالامكان توقع تداعياتها هذه المرة على مستقبل القضية الفلسطينية و مصير ابناء الشعب الفلسطيني ...
و لاشك ان في عودة التوتر بين فتح و حماس و لجوء الطرفين الى الاتهامات المتبادلة و عملية نشر الغسيل القذر على الفضائيات في محاولة للتنصل من المسؤولية و تصوير الاخر في صورة الشيطان ما يكشف فشل الجميع في الاستفادة من دروس الماضي بما يعني توفير فرصة مجانية للاحتلال ليواصل اسثمار الفراغ الحاصل للمضي قدما في تنفيذ سياسة الاحتلال ومصادرة الاراضي و توسيع المستوطنات.
لقد التحقت بوليفيا بالامس بعدد من دول امريكا الاتينية في اعلان تاييدها قيام الدولة الفلسطينية وهي بالتاكيد خطوة مهمة لا يستهان بها بل و يجب ان تكون منطلقا لتذكير الجميع بالارتقاء الى مستوى دول امريكا الاتينية استعدادا للمرحلة الاخطر و
هي رص الصفوف استعدادا لمواجهة الفيتو الامريكي في مجلس الامن الدولي وهي خطوة تستوجب العمل على كسب تاييد اكبر عدد ممكن من دول العالم لدعم قرار اعلان الدولة الفلسطينية .و الحقيقة ان هذه الخطوة يمكن ان تتخذ بعدا اضافيا في حال توفرت كل الاسباب لكسب دعم الاتحاد الاوروبي الذي سبق و اعلن ان اعترافه بالدولة الفلسطينية سيتم في الوقت المناسب ...
و بعيدا عن الوقوع في الاوهام او الانجرار خلف الاحلام الزئبقية فان الاكيد ان المعركة القادمة ستكون اساسية في مصير القضية الفلسطينية و حين يحول الفيتو الامريكي دون تحقيق المطلب الفلسطيني فان الخطوة التالية ستكون على الارجح باتجاه محكمة العدل الدولية و بعد ان تستنفذ كل الحلول و تسقط كل المبادرات و تجهض كل الاتفاقيات و تعود المنطقة لتسقط في دوامة العنف فلا احد سيكون بامكانه حينئذ الوقوف دون اندلاع انتفاضة ثالثة و من يدري فقد تكون الانتفاضة القادمة هذه المرة مختلفة عن سابقاتها ...
اسيا العتروس
atrousessia16@yahoo.fr