السياسة الأمريكية ونبوءات التوراة والإنجيل
ستناول في هذا الفصل مسألة تأثير نبوءات التوراة والإنجيل ، على القرارات السياسة الأمريكية ، وخاصة ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط ، لنفهم أبجديات هذه السياسة المنحازة لإسرائيل ، والمعادية للعرب والمسلمين بشكل عام ، والتي اجتهد الكثير من المحللين في تفسيرها وتحليل دوافعها . وخير من تعرّض لهذه المسألة ، وأفاض في بحثها هي الكاتبة الأمريكية ( غريس هالسل ) في كتاب ( النبوءة والسياسة ) ، وهو من منشورات ( الناشر للطباعة ) ، ط3 1990م ، ترجمة محمد السمّاك .
ملخص مقدّمة المترجم ( بتصرف ) :
يمثل العالم العربي موقعا متميزا وفريدا من نوعه ، في عملية صنع القرار السياسي الأمريكي ، فبالإضافة إلى أهمية موقعه الجغرافي ، وكونه سوقا تجارية استهلاكية ، ويملك أكبر احتياطي من النفط ، فإن هناك عامل آخر ، يتقدم على كل هذه العوامل ، وهو تأثير الفكر المسيحي الديني ، على صياغة القرار الأمريكي ، المتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي . حيث نشأ في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن الماضي ، ما يسمى بالصهيونية المسيحية الإنجيلية القائمة على اعتناق ثلاثة مبادئ :
أولا : الإيمان بعودة المسيح ،
ثانيا : أن عودته مشروطة بقيام دولة إسرائيل ،
ثالثا : وبالتالي تجمّع اليهود في فلسطين .
وقد لعب هذا الأمر دورا أساسيا ، في صناعة القرار الخاص بقيام إسرائيل ، وتهجير اليهود إليها ومن ثم دعمها ومساعدتها ، وإعفاءها من الانصياع للقوانين والمواثيق الدولية . وأن شريعة الله وحدها - التوراة – هي التي يجب أن تطبق على اليهود في فلسطين ، بما أنهم شعب الله المختار .
ونتيجة لهذه المعتقدات ظهر الكثير من الحركات الدينية المسيحية الإنجيلية الأصولية في بريطانيا والولايات المتحدة ، وأهم وأخطر هذه الحركات هي ( الحركة التدبيرية ) ، التي نشأت في الولايات المتحدة بعد قيام دولة إسرائيل . وتضمّ في عضويتها أكثر من أربعين مليون أمريكي ، لحظة تأليف هذا الكتاب في أواسط الثمانينيات ، ومن بين أعضائها الرئيس الأمريكي آنذاك ( رونالد ريغان ) وهي تسيطر على قطاع واسع من المنابر الإعلامية الأمريكية ، وتمتلك محطات تلفزة خاصة بها ، ويشارك قادتها كبار المسؤولين في البيت الأبيض ، ومجلس الأمن القومي الأمريكي ، ووزارة الخارجية بصناعة القرارات السياسية والعسكرية ، المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي .
ـ وتعتقد هذه الحركة أنّ الله قد وضع في الكتاب المقدس نبوءات واضحة ، حول كيفية تدبيره لشؤون الكون ونهايته ، كما يلي :
1. قيام إسرائيل وعودة اليهود إليها .
2. هجوم أعداء الله على إسرائيل ووقوع محرقة هرمجدون النووية ( وأعداء إسرائيل هم الروس والعرب ، وعلى مدى أوسع هم أهل الشرق على اختلاف معتقداتهم ) .
3. انتشار الخراب والدمار ومقتل الملايين .
4. ظهور المسيح المخلص وتخليصه لأتباعه ( أي المؤمنين به ) من هذه المحرقة .
5. إيمان من بقي من اليهود بالمسيح بعد المحرقة .
6. انتشار السلام في مملكة المسيح في أرض جديدة وتحت سماء جديدة مدة ألف عام .
ـ وأن مهمة أعضاء هذه الحركة وأتباعها ، هي تدبير وتهيئة - وكأنّ الله قد أوصاهم بذلك - كل الأمور التي من الممكن ، أن تعجّل في عودة المسيح إلى الأرض ، ومن ضمن تلك الأمور :
أولا : ضرورة إضعاف العرب عسكريا ،
وثانيا : تلبية جميع مطالب إسرائيل بالدعم المالي والسياسي والعسكري ،
وثالثا : تعزيز ترسانتها النووية .
مقتطفات من مقدمة الكاتبة :
تؤكد الكاتبة الأمريكية ( غريس هالسل ) أن بذور هذه المُعتقدات المُدمّرة ، نشأت في نهاية القرن التاسع عشر . وكان رائد هذا الاتجاه في تفسير الكتاب المُقدّس هو ( سايروس سكوفيلد ) ، وقد طُبع أول مرجع إنجيلي له عام 1909م ، زرع فيه آراءه الشخصية في الإنجيل ، وصار أكثر الكتب المتداولة حول المسيحية . وبدأت هذه المُعتقدات في الظهور وتعزّزت ، عندما تتابعت انتصارات إسرائيل على دول الجوار العربية ، وبلغت ذروتها بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان .
وتقول الكاتبة : وفي إحدى المناسبات كان ( سكوفيلد ) يذكّر مُستمعيه بأنه : عام بعد عام كان يُردّد التحذير بأن عالمنا ، سيصل إلى نهايته بكارثة ودمار ومأساة عالمية نهائية . ولكنه يقول أيضا : أن المسيحيين المُخلّصين يجب أن يُرحّبوا بهذه الحادثة ، لأنه مُجرّد ما أن تبدأ المعركة النهائية ، فإن المسيح سوف يرفعهم فوق السحاب وسيُنقذون ، وأنهم لن يُواجهوا شيئا من المعاناة التي تجري تحتهم .
وتقول : بالرغم من أن بعض الأصوليين لم يتقبّلوا هذه الفكرة ، إلا أنها تسبّبت في انقسام كبير . فهناك مؤشر إلى أن أعداد المسيحيين الذين يتعلّقون بنظرية ( هرمجدون ) في تزايد مُضطرد ، فهُم مثل سكوفيلد يعتقدون أن المسيح وعد المسيحيين المُخلّصين بسماء جديدة وأرض جديدة ، وبما أن الأمر كذلك ، فليس عليهم أن يقلقوا حول مصير الأرض ، فليذهب العالم كلّه إلى الجحيم ، ليُحقّق المسيح للقلّة المُختارة سماءً وأرضا جديدتين .
إن استقصاء عام 1984م ، الذي أجرته مؤسسة ( باتكيلو فيتش ) أظهر أن 39 بالمائة من الشعب الأمريكي ، يقولون ، أنه عندما يتحدّث عن تدمير الأرض بالنار ، فإن ذلك يعني ، أننا نحن أنفسنا سوف نُدمّر الأرض ب ( هرمجدون ) نووية . وأظهرت دراسة لمؤسسة ( نلسن ) نُشرت في أُكتوبر 1985م ، أن 61 مليون أمريكي يستمعون بانتظام إلى مُبشّرين ، يقولون أننا لا نستطيع أن نفعل شيئا ، لمنع حرب نووية تتفجر في حياتنا .
ـ ومن أكثر الأصوليين الإنجيليين شهرة ، من الذين يُبشرون على شاشة التلفزيون بنظرية ( هرمجدون ) :
1. بات روبرتسون : يملك شبكة تلفزيونية مسيحية ، مكونة من ثلاث محطات ، عائداته السنوية تصل إلى 200 مليون دولار ، ومساهم في محطة تلفزيون الشرق الأوسط في جنوب لبنان ، يشاهد برامجه أكثر من 16 مليون عائلة أمريكية .
2. جيمي سواغرت : يملك ثاني أكبر المحطات الإنجيلية شهرة ، يُشاهد برامجه ما مجموعه 9,25 مليون منزل .
3. جيم بيكر : يملك ثالث أشهر محطة تبشيرية ، عائداته السنوية تصل إلى 50-100 مليون دولار ، يُشاهد برامجه حوالي 6 ملايين منزل ، يعتقد أن علينا أن نخوض حربا رهيبة ، لفتح الطريق أمام المجيء الثاني للمسيح .
4. أورال روبرتس : تصل برامجه التلفزيونية إلى 5,77 مليون منزل .
5. جيري فولويل : تصل دروسه التبشيرية إلى 5,6 مليون منزل ، يملك محطة الحرية للبث بالكابل ، أقام بعد شرائها بأسبوع ، حفل عشاء على شرف جورج بوش نائب الرئيس ريغان آنذاك . وقد أخبر فولويل يومها بأن جورج بوش ، سيكون أفضل رئيس في عام 1988م .
6. كينين كوبلاند : يُشاهد برامجه 4,9 مليون منزل . يقول : أن الله أقام إسرائيل . إنّنا نُشاهد الله يتحرك من أجل إسرائيل … إنه لوقت رائع أن نبدأ في دعم حكومتنا ، طالما أنّها تدعم إسرائيل … إنه لوقت رائع أن نُشعر الله ، مدى تقديرنا لجذور إبراهيم .
7. ريتشارد دي هان : يصل في برنامجه إلى 4,75 مليون منزل .
8. ريكس همبرد : يصل إلى 3,7 مليون منزل ، وهو يُبشّر بتعاليم سكوفيلد التي تقول : أن الله كان يعرف منذ البداية الأولى ، أننا نحن الذين نعيش اليوم ، سوف نُدمّر الكرة الأرضية .
وتعقّب الكاتبة بقولها : لقد ذكرت ثمانية من الذين يٌقدّمون البرامج الدينية ، ويُبشّرون بنظرية هرمجدون نووية في الإذاعة والتلفزيون ، ومن بين 4 آلاف أصولي إنجيلي ، … هناك 3 آلاف من التدبيريين ، يعتقدون أن كارثة نووية فقط ، يمكن أن تُعيد المسيح إلى الأرض . إن هذه الرسالة تُبث عبر 1400 محطة دينية في أمريكا . ومن بين ألف قسّيس إنجيلي يذيعون يوميا برامج من خلال 400 محطة راديو ، فإن الأكثرية الساحقة منهم من التدبيريين . وتقول : أن بعض هؤلاء القساوسة ورؤساء الكنائس ، هم من القوة بحيث يظهرون كالملوك في مناطقهم .
والرسالة التي يُرسلها هؤلاء على الدوام هي : لن يكون هناك سلام حتى يعود المسيح ، وأن أي تبشير بالسلام قبل هذه العودة هو هرطقة ( تخريف وكفر ) إنه ضد كلمة الله ( ضد ما جاء في الكُتب المقدسة ) إنه ضد المسيح . وهذا ما يقوله أيضا ( جيم روبرتسون ) التلفزيوني الإنجيلي الذي دعاه الرئيس ( ريغان ) لإلقاء صلاة افتتاح المؤتمر الحزب الجمهوري عام 1984م .
كتاب ( آخر أعظم كرة أرضية ) ومؤلفه ( هال لندسي ) :
تقول الكاتبة أن هذا الكتاب ، أصبح الأكثر مبيعا خلال السبعينات ، حيث بيع منه حوالي 18 مليون نسخة ، وفي تعليقها على هذا الكتاب ومؤلفه ، تقول أن المؤلف يفسّر كل التاريخ ، قائلا أن دولة إسرائيل هي الخط التاريخي لمعظم أحداث الحاضر والمستقبل .
( ومن ذلك يأتي تقديس النصارى الأمريكان لإسرائيل ، ولاحظ أن هذا الكتاب قرأه ما لا يقل عن 18 مليون أمريكي عند صدوره ، أما الآن فربما قد قرأه معظم الشعب الأمريكي ، وخطورة هذا الكتاب تنبع من كون الأفكار والمعتقدات التي أوردها المؤلف منسوبة إلى الله ، كما أوضح في كتابه المقدّس لديهم ) .
ويقول لندسي : أن الجيل الذي وُلد عام 1948م ، سوف يشهد العودة الثانية للمسيح . ولكن قبل هذا الحدث ، علينا أن نخوض حربين ، الأولى ضد يأجوح ومأجوج ( أي الروس ) ، والثانية في هرمجدون . والمأساة ستبدأ هكذا : كل العرب بالتحالف مع السوفييت ( الروس ) ، سوف يُهاجمون إسرائيل .
( وهذا تحذير وتحريض للغرب النصراني ، لمعاداة العرب المسلمين والروس الشيوعيين )
وتقول الكاتبة بعد مقابلتها للمؤلف : أن لندسي لا يبدو عليه الحزن ، عندما يُعلن : أن كل مدينة في العالم سيتم تدميرها في الحرب النووية الأخيرة ، وتعقّب الكاتبة : تصوّروا أن مُدنا مثل لندن وباريس وطوكيو ، ونيويورك ولوس أنجلوس وشيكاغو وقد أُبيدت .
ويقول لندسي : إن القوة الشرقية سوف تُزيل ثلث العالم … عندما تصل الحرب الكبرى إلى هذا المستوى ، بحيث يكون كل شخص تقريبا قد قُتل ، ستحين ساعة اللحظة العظيمة ، فيُنقذ المسيح الإنسانية من الاندثار الكامل ( الفناء ) .
ويُتابع لندسي : وفي هذه الساعة سيتحول اليهود ، الذين نجوا من الذبح إلى المسيحية … سيبقى 144 ألف يهودي فقط ، على قيد الحياة بعد معركة هرمجدون .
( إذن يجب ألا يكترث نصارى الغرب ، بنشوب حرب عالمية نووية ثالثة مدمرة ، ما دامت مجمل ضحايا هذه الحرب ، ستكون من المسلمين واليهود وبقية الوثنيين في الشرق ، غير المؤمنين بألوهية المسيح ، بل عليهم أن يستعجلوا نشوبها بالعمل على تسريع المواجهة بين الشرق والغرب ، حتى يعود المسيح للأرض مرة ثانية ليُنقذ البشرية النصرانية فقط من الاندثار الكامل ) .
وقفة مع المُبشّر الإنجيلي ( جيري فولويل )
بعد عرضه لنظرية هرمجدون مستخدما الأدلة التوراتية والإنجيلية . تقول الكاتبة بعد حضورها للعرض : رسم فولويل صورة مُرعبة عن نهاية العالم ، ولكنه لم يبدُ حزينا أو حتى مهتمّا . في الواقع أنهى عظته بابتسامه كبيرة ، قائلا : ما أعظم أن نكون مسيحيين ! إن أمامنا مُستقبلا رائعا .
وفي إحدى تسجيلاته يقول :
وهكذا ترون أن هرمجدون حقيقة ، إنها حقيقة مُركّبة . ولكن نشكر الله لأنها ستكون نهاية العامة ، لأنه بعد ذلك سيكون المسرح مُعدّا ، لتقديم الملك الرب المسيح ، بقوة وعظمة … إنّ كل المُبشّرين بالكتاب المُقدّس ، يتوقّعون العودة الحتمية للإله … وأنا نفسي أُصدّق ، بأننا جزء من جيل النهاية ، الذي لن يُغادر قبل أن يأتي المسيح .
ومنذ 2600 سنة تنبأ النبي العبراني حزقيال ، أن أمة ستقوم إلى الشمال من فلسطين ، قبل وقت قصير من العودة الثانية للمسيح … في الفصلين 38 و 39 من حزقيال ، نقرأ أن اسم هذه الأرض هو روش . ويذكر أيضا اسم مدينتين هما ماشك وتوبال … إن هذه الأسماء تبدو مُشابهة بشكل مُثير ، لموسكو وتيبولسك ، العاصمتين الحاكمتين اليوم في روسيا … وكذلك كتب حزقيال أن هذه الأرض ستكون مُعادية لإسرائيل ، وأنه من أجل ذلك سيكون ضدها . وقال أيضا أن روسيا سوف تغزوا إسرائيل بمساعدة حُلفاء مُختلفين في الأيام الأخيرة … وقد سمّى هؤلاء الحلفاء : إيران ( التي كنا نُسميها فارس ) ، وجنوب إفريقيا أو إثيوبيا ، وشمال إفريقيا أو ليبيا ، وأوروبا الشرقية ( جومر ) ، والقوقاز جنوب روسيا ( توجرمة ) .
بالرغم من الآمال الوردية وغير الواقعية تماما التي أبدتها حكومتنا ، حول اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل ، إلا أن هذه الاتفاقية لن تدوم . إننا نصلي بالفعل من أجل السلام في القدس … إننا نحترم كثيرا رئيسيّ حكومتيّ إسرائيل ومصر … ولكن أنت وأنا نعرف أنه ، لن يكون هناك سلام حقيقي في الشرق الأوسط ، إلى أن يأتي يوم يجلس فيه الإله المسيح على عرش داود في القدس .
وفي كتابه ( الحرب النووية والمجيء الثاني … ) ، في فصل الحرب القادمة مع روسيا ، يتنبأ ( فولويل ) بغزو سوفييتي لإسرائيل ... وفي نهاية المعركة سيسقط خمس أسداس الجنود السوفييت ، وبذلك يبدأ أول احتفال للرب . ويجري احتفال آخر بعد معركة هرمجدون … وسيتوقف التهديد الشيوعي إلى الأبد ، وسيستغرق دفن الموتى مدة 7 أشهر .
الرئيس الأمريكي ( ريغان ) كان أحد فرسان هرمجدون النووية :
تقول الكاتبة : كان ( رونالد ريغان ) واحدا ، من الذين قرءوا كتاب ( آخر أعظم كرة أرضية ) … في وقت مبكر من عام 1986م ، أصبحت ليبيا العدو الأول ( لريغان ) … واستنادا إلى ( جيمس ميلز ) ، الرئيس السابق لمجلس الشيوخ في ولاية كاليفورنيا ، فإن ( ريغان ) كره ليبيا لأنه رأى أنها واحدة من أعداء إسرائيل ، الذين ذكرتهم النبوءات وبالتالي فإنها عدو الله .
وعندما كان ( ريغان ) مرشحا للرئاسة عام 1980م ، كان يُواصل الحديث عن هرمجدون ، ومن أقواله : إن نهاية العالم قد تكون في متناول أيدينا … إن هذا الجيل بالتحديد هو الجيل الذي سيشهد هرمجدون .
إن معظم المؤمنين ( بالتدبيرية ) ، ينظرون إلى روسيا على أنها شيطانية ، وأنها تُمثّل إمبراطورية الشيطان . ولقد جاهر ( ريغان ) بذلك في 8 / 3 / 1983م ، عندما قال : إن الاتحاد السوفييتي هو حجر الزاوية في العالم المعاصر . إنني أؤمن أن الشيوعية فصل حزين وسيئ في التاريخ الإنساني ، الذي يكتب الآن صفحاته الأخيرة .
وتقول الكاتبة : يقول (جيمس ميلز ) في مقال صحفي : إن استعمال ( ريغان ) لعبارة إمبراطورية الشيطان … كان إعلانا انطلق من الإيمان الذي أعرب لي عنه ، في تلك الليلة عام 1971م … إن ( ريغان ) كرئيس أظهر بصورة دائمة ، التزامه القيام بواجباته ، تمشيا مع ارادة الله … إن ( ريغان ) كان يشعر بهذا الالتزام خصّيصا ، وهو يعمل على بناء ، القدرة العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها …
… صحيح أن حزقيال تنبأ بانتصار إسرائيل وحلفائها ، في المعركة الرهيبة ضد قوى الظلام ، إلا أن المسيحيين المحافظين مثل رئيسنا ، لا يسمح لهم التطرف الروحي ، بأن يأخذوا هذا الانتصار كمُسلّمات . إن تقوية قوى الحقّ لتربح هذا الصراع المهم ، هو في عيون مثل هؤلاء الرجال ، عمل يُحقّق نبوءة الله انسجاما مع إرادته السامية ، وذلك حتى يعود المسيح مرّة ثانية …
… وبالتأكيد فإن توجهه بالنسبة للإنفاق العسكري ، وبرودته اتجاه مُقترحات نزع السلاح النووي ، متفقة مع وجهة نظره هذه ، التي يستمدّها من سفر الرؤيا … إن هرمجدون التي تنبأ بها حزقيال ، لا يُمكن أن تحدث في عالم منزوع السلاح . إن كل من يؤمن بحتمية وقوعها ، لا يُمكن توقع تحقيقه لنزع السلاح . إن ذلك يُناقض مشيئة الله كما وردت على لسانه …
… إن سياسات الرئيس ( ريغان ) الداخلية والمالية ، مُنسجمة مع التفسير اللفظي ، للنبوءات التوراتية والإنجيلية . فلا يوجد أي سبب للغضب من مسألة الدَيْن القومي الأمريكي ، إذا كان الله سيطوي العالم كلّه قريبا .
وتقول الكاتبة : وبناء على ذلك ، فإن جميع البرامج المحلية ، التي تتطلب إنفاقا كبيرا ، يمكن بل يجب أن تُعلّق من أجل توفير المال ، لتمويل برامج تطوير الأسلحة النووية ، من أجل إطلاق الحمم المُدمّرة على الشياطين ، أعداء الله وأعداء شعبه ، وأضاف ميلز :
لقد كان ( ريغان ) على حق عندما اعتقد أن أمامه فرصة أكبر ، لينفق المليارات من الدولارات ، استعدادا لحرب نووية مع يأجوج ومأجوج ، لو كان معظم الشعب الذي أعاد انتخابه ، يؤمن كما أخبرني ، بما يؤمن هو به ، بالنسبة ( لهرمجدون ) والعودة الثانية للمسيح .
الإنجيليون الأصوليون يؤمنون بأكاذيب التوراة أكثر من اليهود أنفسهم :
في لقاء للكاتبة مع محام فلسطيني مسيحي بروتستنتي إنجيلي ، يعمل في القدس ، بعد أن عاد من أمريكا ليعيش في فلسطين ، في معرض ردّه على سؤال ، عن رأيه في الحجّاج الأمريكيين ، الذين يُنظّمهم المُبشّر ( فولويل ) لزيارة أرض المسيح ، قال :
بالنسبة للإنجيليين الأصوليين مثل ( فولويل ) ، فإن الإيمان بإسرائيل يتقدم على تعاليم المسيح . إن الصهاينة يُفسدون تعاليم المسيح . إن صهيونية ( فولويل ) سياسية لا علاقة لها ، بالقيم أو الأخلاق أو بمواجهة المشاكل الحقيقية . إنه يدعو أتباعه إلى تأييد إسرائيل ، ويطلب من دافع الضرائب الأمريكي ، أن يُقدّم لإسرائيل 5 مليار دولار كل سنة . إذ أنه يؤكد لأتباعه وبما أنهم مؤيدون للصهيونية ، فهم على الطريق الصحيح ، وفي الجانب الرابح دوما …
وفي الواقع فإن مسيحيين مثل ( فولويل ) ، يُوفّرون للإسرائيليين الدافع للتوسع ومصادرة المزيد من الأراضي ، ولاضطهاد مزيد من الشعوب ، لأنهم يدّعون أن الله إلى جانب إسرائيل ، وأن العم سام راغب في التوقيع على الفاتورة …
إن الإسرائيليين ، يعرفون أن مسيحيين جيدين ومؤثرين مثل ( فولويل ) ، يقفون معهم على الدوام ، بغض النظر عما يفعلون أخلاقيا ومعنويا . ومهما بلغوا من القمع ، فإن الإسرائيليين يعرفون أن الصهيونيين المسيحيين الأمريكيين معهم ، ويرغبون في إعطائهم الأسلحة ومليارات الدولارات ، وسيُصوّتون إلى جانبهم في الأمم المتحدّة .
المُبشر ( فولويل ) والترويج لإسرائيل سياسيا :
في بحث قام به اثنان من الأساتذة الجامعيين عن حياة ( فولويل ) ، يؤكد د. ( غودمان ) أن ( فولويل ) تحوّل من الوعظ الديني ، إلى الوعظ السياسي المؤيد للدولة الصهيونية ، بعد الانتصار العسكري الإسرائيلي في عام 1967م . حيث أن هذا الانتصار المُذهل ، كان له تأثير كبير على العديد من الأمريكيين ، في الوقت الذي كان فيه شعور الهزيمة والخيبة ، يُخيّم على الكثير من الأمريكيين من جرّاء الحرب الفيتنامية ، ومن هؤلاء كان ( فولويل ) الذي نظر إلى الأمر بطريقة مختلفة ، حيث قال : أن الإسرائيليين ، ما كانوا لينتصروا لو لم يكن هناك تدخّل من الله .
ونتيجة لذلك بدأ الإسرائيليون باستخدام ( فولويل ) في السبعينيات ، لتحقيق أغراضهم ومطالبهم ، وتأييد سياساتهم لدي الشعب والساسة الأمريكان ، وفي خطاب له عام 1978م في إسرائيل ، قال : إن الله يُحب أمريكا ، لأن أمريكا تُحب اليهود . وفي مناسبات عديدة كان يقول للأمريكيين : إن قدر الأمة يتوقف على الاتجاه ، الذي يتخذونه من إسرائيل … وإذا لم يُظهر الأمريكيون ، رغبة جازمة في تزويد إسرائيل بالمال والسلاح ، فإن أمريكا ستخسر الكثير . وقد قامت وسائل الإعلام الصهيونية بإبرازه وتلميع صورته ، ليصبح شخصية سياسية وإعلامية مرموقة على الساحة الأمريكية ، لدرجة أن الرئيس ( ريغان ) رتب له حضور اجتماع مجلس الأمن القومي ( البنتاغون ) ، ليستمع ويُناقش كبار المسؤولين فيه ، حول احتمال نشوب حرب نووية مع روسيا .
يُتابع د. ( غودمان ) : في عام 1981م ، عندما قصفت إسرائيل المفاعل النووي قرب بغداد ، تخوّف ( بيغن ) من رد فعل سيّء في الولايات المُتحدّة . ومن أجل الحصول على الدعم ، لم يتصل بسيناتور أو كاهن يهودي ، إنما اتصل ( بفولويل ) … وقبل أن يُغلق سماعة الهاتف ، قال ( فولويل ) ( لبيغن ) : السيد رئيس الوزراء ، أريد أن أهنئك على المهمة ، التي جعلتنا فخورين جدا بإنتاج طائرات ف 16 .
وقال د. ( برايس ) : إن أي عمل عسكري قامت أو ستقوم به إسرائيل ، تستطيع أن تعتمد فيه على دعم اليمين المسيحي .
هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل ، مطلب إلهي منصوص عليه فيه التوراة ، كما يعتقد مسيحيو الغرب ، فضلا عن يهود الشرق والغرب :
أثناء رحلة الحج الثانية للكاتبة ، وفي لقاء مع أحد مستوطني مُستعمرة ( غوش أمونيم ) - مُعقبة على قوله - قالت له : إن بناء هيكل للعبادة شيء ، وتدمير المسجد شيء آخر ، فمن الممكن أن يُؤدي ذلك إلى حرب بين إسرائيل والعرب ، فردّ قائلا : تماما هذا ما نُريده أن يحدث لأننا سوف نربحها ، ومن ثم سنقوم بطرد العرب من أرض إسرائيل ، وسنُعيد بناء الهيكل وننتظر مسيحنا .
تقول الكاتبة : لقد زرت قبة الصخرة ، وهي واحدة من أجمل الصروح في العالم – والتي تُقارن بجمال تاج محل – وقد تم بناؤها عام 685م ، بأمر من الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان ، وهو البناء الأجمل في القدس . وتقول : على الرغم من أن المسيح دعا إلى إقامة المعابد في النفس ، فإن الأصوليين المسيحيين يُصرّون على أن الله يُريد أكثر من بناء معبد روحي ، إنه يُريد معبدا حقيقيا من الإسمنت والحجارة ، يُقام تماما في الموقع الذي توجد فيه الصروح الإسلامية .
ويقول ( لندسي ) في كتاب ( آخر أعظم كرة أرضية ) : لم يبق سوى حدث واحد ليكتمل المسرح تماما أمام إسرائيل ، لتقوم بدورها في المشهد العظيم الأخير من مأساتها التاريخية ، وهو إعادة بناء الهيكل القديم ، في موقعه القديم . ولا يوجد سوى مكان واحد يمكن بناء الهيكل عليه ، استنادا إلى قانون موسى في جبل موريا حيث الهيكلان السابقان .
نشأة المسيحية الصهيونية
تقول الكاتبة : أواخر أغسطس 1985م سافرت من واشنطن إلى سويسرا ، لحضور المؤتمر المسيحي الصهيوني الأول في بازل ، برعاية السفارة المسيحية العالمية في القدس ، لأتعرّف على خلفية الصهيونية السياسية … في أحد مقررات المؤتمر حثّ المسيحيون إسرائيل على ضمّ الضفة الغربية ، بسكانها المليون فلسطيني … فاعترض يهودي إسرائيلي : بأن ثلث الإسرائيليين يُفضلون مقايضة الأراضي المحتلة بالسلام مع الفلسطينيين … فردّ عليه مقرر المؤتمر : إننا لا نهتم بما يُصوّت عليه الإسرائيليون وإنما بما يقوله الله ،والله أعطى هذه الأرض لليهود .
وتقول : كان تقديري أنه من بين 36 ساعة … فإن المسيحيين الذين أشرفوا على المؤتمر ، خصصوا 1% من الوقت لرسالة المسيح وتعاليمه ، وأكثر من 99% من الوقت للسياسة . ولا يُوجد في الأمر ما يُثير الاستغراب ، ذلك أن المشرفين على المؤتمر ، برغم أنهم مسيحيون فهم أولا وقبل كل شيء صهاينة ، وبالتالي فإن اهتمامهم الأول هو الأهداف الصهيونية السياسية .
وفي بحثها عن أصل الصهيونية السياسية ، الداعية إلى عودة اليهود إلى فلسطين ، تؤكد الكاتبة أن ( ثيودور هرتزل ) لم يكن أصلا صاحب هذه الفكرة ، وإنما كان دُعاتها هم المسيحيون البروتستانت ( ذوي الأغلبية في أمريكا وبريطانيا الآن ) قبل ثلاث قرون من المؤتمر الصهيوني الأول . حيث ضمّ لوثر زعيم حركة الإصلاح الكنسي في القرن السادس عشر ، توراة اليهود إلى الكتاب المقدّس تحت اسم العهد القديم . فأصبح المسيحيون الأوربيون يُبدون اهتماما أكبر باليهود ، وبتغيير الاتجاه السائد المُعادي لهم في أوروبا .
وتقول الكاتبة : توجه البروتستانت إلى العهد القديم ليس فقط لأنه أكثر الكتب شهرة ، ولكن لأنه المرجع الوحيد لمعرفة التاريخ العام . وبذلك قلّصوا تاريخ فلسطين ما قبل المسيحية إلى تلك المراحل التي تتضمّن فقط الوجود العبراني فيها . إن أعدادا ضخمة من المسيحيين وُضِعوا في إطار الاعتقاد ، أنه لم يحدث شيء في فلسطين القديمة ، سوى تلك الخرافات غير الموثقة من الروايات التاريخية المدوّنة في العهد القديم .
وتقول : في منتصف عام 1600م بدأ البروتستانت بكتابة معاهدات ، تُعلن بأن على جميع اليهود مُغادرة أوروبا إلى فلسطين . حيث أعلن ( أوليفر كرمويل ) بصفته راعي الكومنولث البريطاني الذي أُنشئ حديثا ، أن الوجود اليهودي في فلسطين هو الذي سيُمهّد للمجيء الثاني للمسيح . ومن هناك في بريطانيا بدأت بذرة الدولة الصهيونية الحديثة في التخلّق .
وفي خطاب لمندوب إسرائيل في الأمم المتحدّة ( بنيامين نتنياهو ) عام 1985م - الذي أصبح فيما بعد رئيسا لإسرائيل - أمام المسيحيين الصهاينة ، قال : إن كتابات المسيحيين الصهاينة من الإنجليز والأمريكان أثّرت بصورة مُباشرة على تفكير قادة تاريخيين ، مثل ( لويد جورج ) و ( آرثر بلفور ) و ( ودرو ويلسون ) ، في مطلع هذا القرن … الذين لعبوا دورا أساسيا ، في إرساء القواعد السياسية والدولية لإحياء الدولة اليهودية .
وتقول : لم يكن حلم هرتزل روحانيا بل كان جغرافيا ، كان حُلما بالأرض والقوة ، وعلى ذلك فإن السياسة الصهيونية ضلّلت الكثير من اليهود … وقد ادّعى الصهاينة السياسيون أنه لم يكن هناك فلسطينيون يعيشون في فلسطين … ويقول ( موش مانوحين ) : أنه انتقل إلى الدولة اليهودية الجديدة ، على أمل أن يجد جنّة روحية ، ولكنّه اكتشف أن الصهاينة لا يعبدون الله ، ولكنهم يعبدون قوتهم .
وتقول : لأن يهود أمريكا – مثل ( آندي غرين ) – يعرفون أنه يمكنهم الاعتماد ، على دعم 40 مليون مسيحي إنجيلي أصولي ، فهم يُصادرون الأرض من الفلسطينيين بقوة السلاح . ويقول غرين الذي انتقل إلى إسرائيل عام 1975م ، ولا يزال يحتفظ بجواز سفره الأمريكي : ليس للعرب أي حق في الأرض إنها أرضنا على الإطلاق ، هكذا يقول الكتاب المقدّس إنه أمر لا نقاش فيه . من أجل ذلك لا أجد أي مُبرر للتحدّث مع العرب حول ادعاءاتهم المنافسة لنا ، إن الأقوى هو الذي يحصل على الأرض .
غاية إسرائيل من التحالف مع اليمين المسيحي في أمريكا :
يوضح ( ناتان بيرلمتر ) يهودي أمريكي ، من حركة ( بناي برث ) – منظمة يهودية - في أمريكا ، أسباب تحالف يهود الولايات المتحدة مع الأصوليين المسيحيين ، بقوله : أن الأصوليين الإنجيليين يُفسّرون نصوص الكتاب المُقدّس بالقول : أن على جميع اليهود ، أن يؤمنوا بالمسيح أو أن يُقتلوا في معركة هرمجدون . ولكنه يقول في الوقت نفسه : نحن نحتاج إلى كل الأصدقاء لدعم إسرائيل … وعندما يأتي المسيح فسوف نفكر في خياراتنا آنذاك . أما الآن دعونا نُصلّي ونرسل الأسلحة .
تشير الكاتبة إلى كتاب ( مصير اليهود ) للمؤلفة اليهودية ( فيورليخت ) الذي تصفه بالرائع ، حيث تقول فيه الكاتبة اليهودية : أن أول مساهمة لليهودية كانت القانون الأخلاقي ، وأن عظمة اليهودية لم تكن في ملوكها وإنما في أنبيائها . وأن الله لم يأمر اليهود بالموت ولكنّه أمرهم بالحياة . وتُدلّل على قولها بنص من التوراة لقد وضعت أمامكم الحياة والموت … ولذلك عليكم أن تختاروا الحياة . وتُضيف : مع ذلك فإن الإسرائيليين بوضع مصيرهم بيد الجيوش والأسلحة ، وبتشريفهم الجنرالات أكثر من الأنبياء . لا يختارون الحياة وإنما يختارون الموت . وتُحذّر من أنّ أولئك الذين يجعلون من إسرائيل إلها يُعبد يدفعوننا في هذا الاتجاه .
ـ وتلخص الكاتبة أهداف إسرائيل من التحالف ، مع اليمين المسيحي في الولايات المتحدة :
الحصول على المال .
أن يكون الكونغرس مجرد خاتم مطاطي للموافقة على أهدافها السياسية .
تمكينها من السيطرة الكاملة والمنفردة على القدس .
وتقول على لسان ( إسرائيل شاهاك ) : إن طبيعة الصهيونية هي البحث الدائم عن حامٍ ومعيل . في البداية توجّه الصهاينة السياسيون إلى إنجلترا ، والآن يتوجّهون ويعتمدون كليّا على الولايات المتحدة . وقد أقاموا هذا الحلف مع اليمين المسيحي الجديد ، لكي يُبرّر أي عمل عسكري أو إجرامي تقوم به إسرائيل .
وتقول الكاتبة : إن للقادة الأصوليين الإنجيليين اليوم قوة سياسية ضخمة . إن اليمين المسيحي الجديد هو النجم الصاعد في الحزب الجمهوري ، وتحصد إسرائيل مكاسب سياسية جمة داخل البيت الأبيض من خلال تحالفها معه .
وتنقل الكاتبة : إن ( مارفن ) – أحد زملائها في رحلة الحج - كغيره من اليمين المسيحي الجديد ، يشعر بالنشوة لأنه مع الحليف الرابح . وقد نقل إلي مرة المقطع 110 الذي يتحدّث عن يهوه وهو يسحق الرؤوس ، ويملأ الأرض بجثث غير المؤمنين ، والمقطع 137 الذي يُعرب فيه عن الرغبة من الانتقام ، من أطفال بابليين وإلقائهم فوق الصخور . ثم قال ( مارفن ) : وهكذا يتوجب على الإسرائيليين أن يُعاملوا العرب بهذه الطريقة . ورغم أن ( مارفن ) كان معجبا ومطلعا على نصوص التاريخ التوراتي ، إلا أنه كان جاهلا فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي . لأنه يعرف مسبقا كل ما يعتقد أن الله يريد منه أن يعرفه . وقال لي : إن على الأمريكيين أن يتعلموا من الإسرائيليين كيف يُحاربون . ويشارك ( مارفن ) كذلك هؤلاء بالاعتقاد بأننا نحن المسيحيين نؤخر وصول المسيح من خلال عدم مساعدة اليهود على مصادرة مزيد من الأرض من الفلسطينيين .
وتخلُص الكاتبة إلى القول : بأن عدة ملايين من المسيحيين الأمريكيين ، يعتقدون أن القوانين الوضعية يجب ألا تُطبق على مصادرة اليهود واسترجاعهم لكل أرض فلسطين ، وإذا تسبّب ذلك في حرب عالمية نووية ثالثة فإنهم يعتقدون بأنهم تصرّفوا بمشيئة الله .
وتذكر الكاتبة أن هناك قائمة بأسماء 250 منظمة إنجيلية أصولية موالية لإسرائيل ، من مختلف الأحجام والعمق في أمريكا ، ومعظم هذه المنظمات ننشأت وترعرت خلال السنوات الخمس الأخيرة ، أي منذ عام 1980م .
وتقول الكاتبة في فصل مزج الدين بالسياسة : أن الإسرائيليون يُطالبون بفرض سيادتهم وحدهم ، على المدينة التي يُقدّسها مليار مسيحي ومليار مسلم ، وحوالي 14 مليون يهودي . وللدفاع عن ادّعائهم هذا فإن الإسرائيليين – ومعظمهم لا يؤمن بالله – يقولون : بأن الله أراد للعبرانيون أن يأخذوا القدس إلى الأبد . ومن أجل ترويج هذه الرسالة توجّه الإسرائيليون إلى ( مايك ايفنز ) اليهودي الأمريكي ، الذي قُدّم في أحد المعابد على أنه قسّ تنصّر ليساعد شعبه ، وأنه صديق لجورج بوش ويحتل مكانة مرموقة في الحزب الجمهوري ، ومن حديثه في هذا المعبد قوله : إن الله يريد من الأمريكيين ، نقل سفارتهم من تل أبيب إلى القدس ، لأن القدس هي عاصمة داود . ويحاول الشيطان أن يمنع اليهود ، من أن يكون لليهود حق اختيار عاصمتهم . إذا لم تعترفوا بالقدس ملكية يهودية ، فإننا سندفع ثمن ذلك من حياة أبنائنا وآبائنا ، إن الله ، سيُبارك الذين يُباركون إسرائيل ، وسيلعن لاعنيها .
خاتمة الكتاب
وفي الخاتمة تقول الكاتبة : فكرت في خيارنا للحياة أو الموت طوال السنين العديدة الماضية ، مستمعة إلى ( جيري فولويل ) وغيره من الإنجيليين ، الذين يطلّون علينا عبر الهاتف والكتاب المقدّس باليد الأخرى ، ناقلين عن كتاب دانيال من العهد القديم ، وعن كتاب سفر الرؤيا من العهد الجديد ، قائلين : أن الله قد قضى علينا أن نخوض حربا نووية مع روسيا ...
اقتناعا منهم بأن هرمجدون نووية لا مفر منها بمقتضى الخطة الإلهية ، فإن العديد من الإنجيليين المؤمنين بالتدبيرية ، ألزموا أنفسهم سلوك طريق مع إسرائيل ، يؤدي بشكل مباشر – باعترافهم أنفسهم – إلى محرقة أشدّ وحشية وأوسع انتشارا ، من أي مجزرة يُمكن أن يتصورها عقل ( أدولف هتلر ) الإجرامي …
لقد وجدت فكرهم الوعظي تحريضيا تصادميا في حثّهم على الاستعداد لنهاية العالم ، إنهم يدفعونني إلى الاعتقاد بأننا قطعنا مسافة طويلة بعيدا عن بداياتنا كبشر . إن معظمنا يتمسك باعتبار حسن الجوار كعلاقة رائعة في حياتنا المتحضرة ؛ معاملة الآخرين كما نحب أن يُعاملونا ، وفوق ذلك عاش الكثيرين بهدف أكثر نبلا ؛ وهو مغادرة هذه الدنيا في حاله ، أفضل من تلك التي وجدوها عليها .
بعد هذا العرض لبعض ما جاء في هذا الكتاب ، نستطيع القول أن الحلف المنعقد بين إسرائيل والولايات المتحدّة ، هو حلف عقائدي عسكري تُغذيه النبوءات التوراتية والإنجيلية . لدرجة أن الكثير من أفراد الشعب الأمريكي الضالّ يتمنى لو أنه ولد يهوديا ، لينعم بالانتساب إلى شعب الله المختار ، الذي يقاتل الله عنهم في جميع حروبهم ضد الكفرة من المسلمين والشيوعيين . ونحن كمسلمين بتواجدنا على أرض اليهود وبمقاومتنا للاحتلال الصهيوني ، نمنع الله من تحقيق إرادته بإعطاء أرض فلسطين لليهود . فالشعب الأمريكي ينظر على أن اليهود هم جنود الله ، وأن الفلسطينيون هم إرهابيون وجنود الشيطان ، وأن قلة قليلة من شُرفاء أمريكا يعتقدون بعكس ذلك ، من الذين سبروا أغوار الحقيقة ودرسوا التاريخ والجغرافيا والواقع بعين العدالة والإنصاف ، حتى أن بعضهم طعن في مصداقية كتبهم المُقدّسة ، ولكن كل جهود الشرفاء من مواقف ومحاضرات وبرامج ومؤلفات ذهبت أدراج الرياح ، ذلك لأنهم قلة ولا يملكون ما يملكه اليهود وأتباعهم من القوة والمال ، فكانوا كمن يُجدّف بالرمال .
ـ ونستطيع تلخيص العلاقة ما بين إسرائيل وأمريكا ( اليهود والنصارى ) كما يلي :
أن التحالف بين الدولتين ، فضلا عن كل شيء ، هو حلف ديني عقائدي ، أقوى من أي معاهدة أو اتفاقية مكتوبة على الورق .
كل من الأمريكان والإسرائيليون ينتظرون المسيح الخاص بهم .
يتفق الطرفان على أن قيام الدولة اليهودية في فلسطين إشارة لقرب مجيئه .
ويتفق الطرفان على وجوب سيطرة اليهود على فلسطين كاملة ، واتخاذ القدس عاصمة للدولة اليهودية ، ومن ثم يتوجب عليهم إقامة الهيكل مكان المسجد الأقصى ، وأن هذه الأمور ما لم تأخذ مجراها على أرض الواقع فإنها ستعطل مجيء المسيح بالنسبة للطرفين .
وأن ظهور المسيح سيكون مسبوقا بحرب مُدمرة ستقع بين إسرائيل وأعدائها ، تحصد ما لا يُعدّ ولا يُحصى من أرواح البشر وتنتهي بخراب الأرض ، وروّاد المؤامرة اليهودية العالمية يبذلون قصارى جهدهم لإشعالها ، لقطف ثمار مخططهم الشيطاني بإثارة الفتن وافتعال الأزمات .
وبناء على ذلك ، تجد أمريكا نفسها ملزمة عقائديا بتسليح إسرائيل ما أمكنها ذلك ، وبدعمها في كل مخططاتها داخل فلسطين وخارجها ، استعدادا لوقوع هذه الحرب المدمرة لضمان انتصار إسرائيل وحلفائها ضد أعداء الله .
هكذا هي المعادلة بكل بساطة ، فساسة الشعب الأمريكي جملة وتفصيلا صهاينة أكثر من ساسة إسرائيل أنفسهم ، وما عبادة الأمريكيين لإسرائيل إلا لتقرِّبهم إلى الله زلفى ، ولذلك يسعى الأمريكيون قبل الإسرائيليون لتلبية متطلبات مجيء المسيح ، وأعجب من العرب عندما يطلبون من صهاينة الغرب رفع ظلم صهاينة الشرق .
ولو عدنا بالذاكرة إلى الوراء وبدأنا بتتبّع الرؤساء الأمريكيين المتأخرين ، لتبين لنا أن الرؤساء من الحزب الديموقراطي كانوا أكثر اعتدالا وأكثر ميلا إلى السلام مع العرب وروسيا ، بغض النظر عن مفهومهم له ، وأقل تجاوبا مع متطلبات كل من الصهيونية اليهودية والصهيونية المسيحية الأصولية المُتطرّفة ، كما هو حال الرئيس ( كارتر ) – الذي انتهت ولايته عام 1980م – حيث أُنجزت في عهده اتفاقية ( كامب ديفيد ) بين مصر وإسرائيل ، والرئيس ( كلينتون ) ، 1992-200م ، الذي أُنجزت في عهده اتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل ، وحاول جاهدا صنع ( كامب ديفيد ) أخرى مع الفلسطينيين ، رغم خروجه عن النص بمحاولاته الخجولة لإرضاء هؤلاء بقصف مصانع الأدوية السودانية وقصف العراق بين حين وأخر .
ولتبين لنا أيضا ، أن الرؤساء من الحزب الجمهوري اليميني المسيحي الإنجيلي التوراتي الأصولي المتطرّف ، كانوا أكثر تطرفا وعدوانية وأقل اهتماما بالسلام ، ويتجاوبون مع متطلبات اليهود بل يُنفّذونها بحذافيرها . فالرئيس ( ريغان ) 1980-1988م شنّ الحرب على ليبيا ، وتم في عصره ضرب المفاعل العراقي واجتياح بيروت ، واشتعلت في عصره نيران الحرب الإيرانية وتم إطالة أمدها وانتهت بنهاية ولايته . والرئيس ( بوش الأب ) ، 1988-1992م ، شنّ الحرب على العراق وفرض عليه الحصار ، وتم إسقاط الشيوعية وتفكيك الاتحاد السوفييتي ، وأعلن عن نظامه العالمي الجديد المذكور في بروتوكولات اليهود .
ومؤخرا جاء دور ( بوش الابن ) ، ليُكمل سلسلة جرائم أسلافه من الجمهوريين ، ويُنفذ ما أُعدَّ له هؤلاء من برامج مسبقة ، كان أبالسة اليهود قد خطّوها ، قبل وصوله لسدة الحكم ، كما خطّ أجدادهم أسفار التوراة والإنجيل ، وبروتوكولات الحكماء ، فيما يُسمّى ( بتقرير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى 2001 ) ، حيث بدأ بتنفيذ ما جاء فيه من أوامر ، فور تسلّمه للسلطة :
1. ضرب بغداد دون سابق إنذار ، وبدأت إدارته بالترويج للعقوبات الذكية ، التي طالب بها خبثاء معهد واشنطن .
2. وأظهر عداءه لروسيا والصين .
3. وطلب الرئيس المصري لمعاقبة مصر على موقفها المتشدّد مع إسرائيل في قمة القاهرة ، بخفض المساعدات وتأخير إنشاء منطقة التجارة الحرة فيما لو أصرّت على ذلك .
4. وصرّح عن رغبته في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس .
5. ودعم إسرائيل في قمعها لانتفاضة الإرهابيين الفلسطينيين ، وبرّر وما زال يُبرّر جرائمها .
6. وظهر هناك من يدعو إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان ، من اللبنانيين المدعومين بالأموال اليهودية تحت غطاء الدين .
7. وقام وزير الخارجية بجولة في دول المنطقة ، لشرح السياسة الجديدة التي جاء بها هذا التقرير ، الذي تمت صياغته بذكاء ودهاء يهودي صرف ، بناء على المخاوف النبوية التوراتية .
تقرير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى لعام 2001م
موقع هذا التقرير باللغة الإنجليزية على شبكة الإنترنت هو :
http://www.washingtoninstitute.org/pubs/psg/psg2000.htm
يُؤكد هذا التقرير الذي تمّ إنجازه بتاريخ 12 – 12 – 2000م أن مصير هذه المنطقة ، مرهون بما جاء من نبوءات في الكتب المقدّسة ، ومرهون أيضا بكيفية تفسيرهم لهذه النبوءات . وإذا اطّلعت على هذا التقرير ، فستجد أنه يوضح السياسات التي يتوجب على الرئيس الأمريكي نهجها ، للسيطرة على هذه المنطقة واستعباد شعوبها ، ستجد أنها قد رُسمت بدهاء ومكر ، على طريقة دسّ السم في العسل ، بناءً على المخاوف اليهودية المنبثقة من النبوءات التوراتية . حيث أن مُجمل بنود هذا التقرير ، جاءت لدرء المخاطر عن الدولة اليهودية فقط لا غير . وفيما يلي سنعرض من فصول هذا التقرير الخمسة ، بعض المقتطفات شديدة التعلق بموضوع هذا الكتاب . وقد نُشر هذا التقرير مترجما على حلقات ، في جريدة العرب اليوم الأردنية ، في النصف الأول من شهر آذار 2001م .
تأسس معهد واشنطن الذي قدم هذه التقرير عام 1985م ، وهو يعمل كوحدة للبحوث تابعة للجنة للعلاقات العامّة الأمريكية الإسرائيلية ، المسماة بِ ( ايباك ) ، وهي المُنظمّة الصهيونية الأولى في الولايات المُتحدة ، التي تُعتبر خط الدفاع الأول عن إسرائيل ، ويضم في عضويته مفكرون وسياسيون وخبراء أمريكيون يهودا ومسيحيين صهاينة في الفكر والمعتقد . وقد تطوّر هذا المعهد ليصبح مصدر التأثير الأعظم ، في صنع القرارات السياسية الخاصة بالمنطقة ، التي تتخذها الإدارات الأمريكية المتعاقبة . ويصدر هذا التقرير في بداية كل ولاية رئاسية جديدة ، ليكون نورا يهتدي به الرئيس الأمريكي الجديد ، ونجاح هذا الرئيس وفشله لدى سادته اليهود ، يعتمد على مدى التزامه ، ومقدار ما أنجزه من الأهداف الواردة في التقرير ، وهذه المنظّمة على علاقة وثيقة مع الرؤساء والساسة الأمريكان .
الفصل الأول :
دبلوماسية عربية إسرائيلية - اردع الحرب الإقليمية بين إسرائيل والدول العربية ، واستطلع مسالك جديدة .
تقويم دروس تجربة أوسلو ، واستطلاع مسارات بديلة للسلام :
التأكيد على أن الولايات المتحدة حليفة لإسرائيل ، وأنها لا ترتبط معها بأحكام ومعاهدات مكتوبة ، وإنما بروابط أقوى من القيم والمصالح المشتركة . المضي قدما في نقل سفارة الولايات المتحدة إلى الموقع المقرر في القدس الغربية .
تشجيع الجهود الدولية للمساعدة في تخفيف التوتر الإقليمي :
التركيز على الدول الموالية للغرب : تحتاج الولايات المتحدة إلى التواصل مع الزعماء العرب والمسلمين ومع شعوبهم ، في السعي إلى إشراكهم في حوار صادق وصريح حول آراء ومصالح كل منهم . إذ أنّ دور الدول الموالية للغرب في المنطقة مهم جدا ، في وضع الأجندة السياسية الاجتماعية الثقافية للشرق الأوسط ، ويصدق ذلك بشكل خاص على مصر وتركيا ، والعربية السعودية والمغرب والأردن . وقد اتضح ذلك أثناء قمة كامب ديفيد 2000م وبعدها ، عندما أدى غياب التشاور مع الدول العربية الرئيسية ، حول قضية القدس خصوصا إلى تقليص فرصة قبول عرفات ، بأي من الحلول المختلفة التي طُرحت في الاجتماع .
تتحمل مصر من بين جميع الدول المسؤولية الأكبر بصفتها الدولة العربية الأقوى ، والدولة التي تحمل إجراءاتها الأثر الأكثر أهمية في المنطقة . إذ تُعتبر تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك ، ضد أي توسيع للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي ، وضد تحويله إلى حرب عربية إسرائيلية جدارا واقيا ، بوجه انتشار المزيد من الراديكالية ( أي التوجه المعادي لإسرائيل وأمريكا ) .
المثلث الإسرائيلي اللبناني السوري : ينبغي على الإدارة الأمريكية الجديدة ، أن تُعزّز قوة الردع الإسرائيلية ضد احتمالات تعرضها لهجمات برية أو صاروخية ، تقوم بها قوات حزب الله المدعوم من سوريا وإيران . على الإدارة الأمريكية أن تدعم الحركة الناشئة في لبنان ، والداعية إلى الضغط من أجل المزيد من الحرية في الداخل ، وتخفيف قبضة سوريا المطبقة على الشؤون اللبنانية .
الفصل الثاني :
أسلحة الدمار الشامل - امنع الانتشار واردع الاستخدام .
من الممكن أن تشهد السنوات الأربع المقبلة ، تحقق تقديرات الاستخبارات الأمريكية ، بأن إيران سوف تطور نظاما صاروخيا متعدد المراحل ، يُمكّنها من تطوير صاروخ عابر للقارات . ومن الممكن خلال الفترة نفسها أن يُطور العراق أو إيران سلاحا نوويا ، خصوصا في حالة حصولها على الوقود النووي ، بصورة سرية من الاتحاد السوفييتي السابق مثلا . والحصول عليها من قبل جماعات إرهابية بمساعدة بعض الحكومات .
الكثيرون في المنطقة يتهمون الولايات المتحدة بازدواجية المواقف ، فيما يتعلّق بقدرة العراق النووية . فعلى الرغم من القلق الذي تولّده الأسلحة النووية ، من وجهة النظر الداعية إلى عدم الانتشار . فإن هذه الأسلحة توفر لإسرائيل هامشا من الأمن ، يمكنها من المجازفة بعقد السلام مع جارات معينة . في الوقت الذي تطور فيه دول أخرى في المنطقة - ما زالت تهدد بتدمير إسرائيل ( أي العراق ) - الوسائل الكفيلة بتنفيذ تلك التهديدات .
الفصل الثالث :
الإرهاب - اعمل على تقوية الرد على التهديدات الجديدة .
اعزل جهود مكافحة الإرهاب عن ديناميكيات العملية السلمية ، وعزز الرد على التحديات المستمرة :
ينبغي على الولايات المتحدة ، أن تتبع سياسة لا تسامح فيها : ففي الوقت الذي يحق للسلطة الفلسطينية ، أن تختلف مع إسرائيل حول القضايا الدبلوماسية ، فإن العلاقة الأمريكية الفلسطينية يجب أن تدفع ثمن التهاون ، الذي تُبديه السلطة الفلسطينية بشأن التزامها بمكافحة الإرهاب .
ينبغي على الولايات المتحدة أن تُعزز جهودها الرامية للارتقاء بالتعاون الدولي ، ضد شبكات العنف الإسلامية المُتطرّفة . وينبغي أن تعمل مع دول أوروبا والشرق الأوسط ، لممارسة ضغط جماعي على تلك الدول القليلة التي ما زالت تقدم الملاذ للإرهابيين ، أو تغض النظر عنهم وهي إيران وباكستان واليمن وأفغانستان .
* وقفة قصيرة مع مقال ، في جريدة الدستور الأردنية الصادرة ، بتاريخ 5 – 7 – 2001م ، نقلا عن رويترز :
( تصدير المقال : في حال هاجم ابن لادن مصالح أمريكية - واشنطن تُهدّد طالبان بانتقام عسكري )
واشنطن – رويترز ؛ قال نائب وزير الخارجية الأمريكية ( ريتشارد أرميتاج ) : أن الولايات المتحدّة قد تشنّ انتقاما عسكريا على حركة طالبان ، إذا شنّ أسامة بن لادن على هجمات مصالح أمريكية . وكان ( أرميتاج ) يُعقّب على تحذير قدّمه إلى طالبان ، سفير الولايات المتحدة لدى باكستان ( ويليام ملام ) في اجتماع عُقد في إسلام أباد يوم الجمعة الماضي . وقال مسؤول في طالبان لرويترز أن طالبان التي توفر المأوى لابن لادن ، تم إبلاغها بأنها ستتحمل المسؤولية عن أي هجمات على مصالح أمريكية … ، انتهى .
طور الاستخدام الفعّال لأدوات السياسة الأمريكية المتوفرة :
لإخضاع الإرهابيين للإدانة الجنائية ، يتحتم على الولايات المتحدة متابعة الالتزام بملاحقة أولئك المجرمين ، حتى وإن واجه الأمر عقبات دبلوماسية . على الحكومة الاتحادية العمل على إيقاف المناصرين المحليين المؤيدين للجماعات الإرهابية ، ( المقصود هنا هو الجاليات العربية الداعمة للحركات الجهادية في فلسطين ) .
لقد تقلص عدد الدول الداعمة للإرهاب إلى سبع دول ، وآخر الدول التي رُفع اسمها هي العراق عام 1982م وأعيد عام 1991م أما آخر اسم أُضيف للقائمة هو السودان عام 1993م . على الرئيس كجزء من عملية إعادة النظر ، أن يُفكر بتحديد الطرق التي تستطيع من خلالها تلك الدول من رفع اسمها من القائمة ( أي وضع متطلبات جديدة لشهادات حسن السيرة والسلوك الأمريكية ) . وخصوصا تلك التي أظهرت اهتماما بذلك مثل ليبيا والسودان وسوريا ، بعد ذلك يجب ربط درجة الدعم المقدّم للإرهاب بدرجة العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة ، وكذلك بمستوى التعامل الذي يقوم بين الحكومة المعنية وحكومة الولايات المتحدة .
الفصل الرابع :
العراق وإيران - اعمل من أجل التغيير .
إن الموقف من العراق وإيران ، يُعتبر من أهم القض