إلى أيـــن؟!المصدر:
التاريخ: 19 مارس 2011
ماذا يحدث للوطن العربي؟ أكبر دولة عربية من حيث المساحة وهي السودان انقسمت أو قُسّمت إلى دولتين، وذهبت أخبار مرحلة ما بعد الاستفتاء أدراج الرياح، وتقوم أنظمة وتسقط أنظمة، كما حدث في تونس ومصر، وكما يحدث الآن في ليبيا واليمن، وتختلف مواقف القوى الكبرى مما يحدث في بلدان عدة، فهي حيناً تغمض العين عن استخدام القوة، وحيناً آخر تقرع الأجراس في مواجهة استخدام القوة، وحيناً تقف مع الثورات الشعبية، وحيناً ضدها، وحيناً تجيّش المجتمع الدولي، وحيناً تبدّد جهوده.
هذا التناقض في المواقف له أسبابه المعروفة التي تنسجم مع طبائع السياسات في الغرب ومع مصالحه وعلاقاته بالدول، وبغض النظر عن تقييمنا لذلك، فإن اسئلتنا يجب أن تتركز حول موقع الملفات الكبرى الأساسية وفلسطين والاحتلال الإسرائيلي لها وللجولان وجنوب لبنان والعراق والاحتلال الأميركي له، والسودان وتقسيمه وتبديد ثرواته، وأرضه وشعبه، وتنامي الترسانة العسكرية الإسرائيلية بشكل لم يسبق له مثيل، وأزمات إفريقيا وأفغانستان، كل تلك الملفات إضافة إلى ملف الأزمة الاقتصادية العالمية أين موقعها وهل وجدت حلولاً لها، أم إن أوضاعها استقرت على ما هي عليه، أم إن ثمة من له مصالح كبرى في إخفاء حقائق هذه الأزمات والتوقف عن تناولها إعلامياً، أم إن هناك ثمة ما يجري في الخفاء في هذه الملفات بالذات كوجود مفاوضات سرية أو نيّات عدوانية، وأين ستذهب ثروات بعض الزعماء العرب على سبيل المثال التي حجزت وصودرت وجمدت أتراها ستساهم في حل الأزمة المالية العالمية أو....؟.
في المحصلة ما يجري في المشهد السياسي الدولي مثير بقدر ما هو معقد، ولكن بالبحث عن قواسم مشتركة أو نقاط مهمة ولافتة للانتباه، سيكون العامل الأبرز من أي عامل آخر، هو حجم ما تحصده الولايات المتحدة وأوروبا من مكاسب على حساب الشعوب من جهة، وحجم ما تخسره الشعوب والدول من رصيدها الوطني والاقتصادي والاجتماعي وحتى الأمني بسبب التدخل الغربي والأميركي، وبسبب حجم التناقضات التي عاشتها بعض الدول ولاسيما العربية بين إرادة الجماهير وتوجهات الأنظمة من جهة أخرى، حيث ذهبت تلك الأنظمة بعيداً في خدمة المشروع الصهيوني­ الأميركي، بينما إرادة الشعوب هي نقيض تام وخصم حقيقي ومناهض شرس لإسرائيل ومشروعاتها في المنطقة...
السياسات الغربية خاسرة في المحصلة، وسيزداد يوماً بعد يوم عريها وانكشافها، وأبرز ما في هذا التعري والانكشاف هو ذلك الجانب الذي لم يعد ملتبساً على أحد حول هوية الأنظمة وهوية الشعوب، وحجم انكشاف كل المواقف أمام الرأي العام... ويعتقد الأميركيون أن تغيير أنماط سلوكهم تجاه المنطقة من الحرب الاستباقية إلى الدبلوماسية الاستباقية، واستخدام الأدوات الناعمة سيضلل الشارع العربي والإسلامي، ولكن واقع الحال يقول غير ذلك تماماً، فهذا الشارع وهذا الرأي العام الذي يحدث التغييرات يرفض أن يمتطي أحد على صلة بإسرائيل صهوة ثوراته مهما تزينت وتجمّلت خطاباته ومواقفه بكلام معسول، أو بقرارات مكشوفة ومعروفة؟!
إلى أين نسير بالوطن العربي... سؤال يبقى برسم ما يحدث وما نقبله أو نرفضه حكومات وشعوباً؟!...