أنظمة الفساد ولا أنظمة الحُكّام الشّواذ في العالم العربي

أنظمة الفساد ولا أنظمة الحُكّام الشّواذ في العالم العربي
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-
من قلم : جمال الدين حبيبي




أكاد أجد نفسي غير مضطر، لتحليل الواقع العربي الإنهزامي، بالرجوع إلى الآية الكريمة التي تقول: "يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولى الأبصار"، فبكل صراحة، ما بات يقوم به بعض من نُصبوا عنوة وظلما، حكاما على الشعوب العربية، من انبطاح مفضوح لأمريكا والغرب وإسرائيل، لم يعد يُشكل مفاجأة لكل عربي غيور على قوميته وسيادة بلده، فما أقدمت عليه ما سمُّوها ب "الجامعة العربية"، يوم 12 مارس 2011، أوجز وبشكل صريح لا غبار عليه، أن علّة وأزمة العالم العربي، هي في بعض حُكامه المأجورين، أو المنهزمين، فكيف يُعقل أن تدعو هذه "المُفرقة العربية" حتى لا أقول "الجامعة"، مجلس الأمن إلى فرض حظر جوي على ليبيا العربية، وكيف يمكن تفهم اتخاذ هؤلاء الحُثالات من حكام العرب، قرارهم أو بالأحرى مؤامرتهم، دونما السماح لدولة ليبيا بالدفاع عن نفسها، وعرض مواقفها ومُبرّراتها للموضع السائد في ليبيا؟

إسمحوا لي أن أسأل هؤلاء الحُثالات، متى دعوتم مجلس الأمن لفرض حظر جوي على إسرائيل عندما كانت تدك غزة ولبنان؟ فلو أن واحدا من هؤلاء الحُثالات يؤكد لنا بأن أحدهم أو بعضهم إقترح فقط مثل هذا القرار، على هذه اللاجامعة واللاعربية، فإذاك سوف أتقدم باعتذاراتي وأسحب قولي، وأؤيد دعوة الحُثالات لتدخل مجلس الأمن الدولي، ليس لفرض حظر جوي، وإنما للتدخل العسكري المباشر في ليبيا، لكن ما دام أن أحد هؤلاء الحُكام "حُكام الخزي والعار" ممّن قادوا حملة ديبلوماسية وإعلامية شرسة على ليبيا والقائد معمر القذافي على وجه الخصوص، يعلم الجميع أنه (.........) وأعني هنا بشكل صريح، رئيس الحكومة القطرية، الشيخ "ة" حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، وبعض زملائه في الخليج، الذين نعلم أن لهم (..........) في إحدى الدول العربية التي يقضون فيها عطلهم، وسهراتهم الحمراء، ما دام كما قلنا أن هذا هو حال هؤلاء الحكام، ممن باعوا شرفهم، وتخلوا عن رُجولتهم، فلا يُمكننا أن ننتظر منهم أي موقف مشرف تُجاه الشعوب العربية، التي تسلّطوا عليها، ونهبوا ثرواتها، لأنه وببساطة، يعلم هؤلاء الحكام الشواذ، أن المخابرات الغربية والأمريكية والصهيونية، تحتفظ بأشرطة فضائحهم (.........) وتبتزهم بها، ولن ترضى عنهم إلا إذا هم تحوّلوا من ملوك وأمراء ورؤساء ومسؤولين كبار، إلى مجرد عبيد يُؤتمرون بأوامر هذه الأجهزة المخابراتية

بكل صراحة لم أشأ في السابق أن أتعرض إلى هذه الفضائح، لاعتبارات أخلاقية وخُلقية، لكنني اليوم، وبرغم أنني تمرّست في السياسة كمجاهد إبان الثورة التحريرية المُباركة في الجزائر، وفي فجر الإستقلال وبعده، وأثناء كل الأزمات التي مرّت بها الجزائر، وبرغم أنني كنت من الأوائل الذين دعوا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وحاشيته إلى الإستقالة لحلّ أزمة الجزائر، إلا أنني اليوم، أكفر بالتغيير الذي يريد الشواذ من الحكام العرب فرضه على الشعوب العربية، لإبقائها تحت سيطرة أمريكا والغرب وإسرائيل، وأفضل أن يبقى حكام الجزائر الحاليون في مناصبهم، على أن تُستورد لنا سلطة معينة من قبل فرنسا وأمريكا وبريطانيا وقطر، كما أفضل أن يبقى الزعيم معمر القذافي قائدا لليبيا، على أن يتولاها من جُمّعوا فيما يُسمى المجلس الوطني الإنتقالي، لأنه يكفي لكل متبصر، أن يرى كيف أنهم يلعبون اليوم بالشعب المصري، ويدفعون مسلميه ومسيحييه إلى الإقتتال، وهو الإقتتال الذي أودى بحياة أكثر من 13 مصريا، وكيف أنهم أحيوا النعرات القبلية في تونس ما بعد الثورة، فقد لقي شخصان مصرعهما رميا بالرصاص وأصيب نحو 20 شخصا بجروح متفاوتة الخطورة منهم ضابط في الجيش التونسي خلال مشادات وقعت يوم الجمعة 11 مارس 2011، بمدينة "المتلوي" بولاية قفصة جنوب غرب تونس، في أعمال عنف وشغب، استخدمت خلالها بنادق الصيد والزجاجات الحارقة والعصي والتراشق بالحجارة، فالغرب وأمريكا ومن ورائهما الصهاينة، رموا بطعم مغلوط للديموقراطية إلى الشعوب العربية، ليس لإنقاذها من الديكتاتوريات كما يزعمون، وإنما لتحويل بلدانها إلى ساحات للإقتتال والتناحر، مرة باسم الدين، وأخرى باسم القبيلة وهكذا دواليك

نصيحتي اليوم كمجاهد وإبن الثورة الجزائرية المباركة، هي ألا تنخدع الشعوب العربية بدعوات الثورة لتحقيق الديموقراطية، القادمة من الغرب، لأن هذا الغرب، يبدو أنه لا يرى ما يحدث بسلطنة عُمان والبحرين والسعودية وقطر وغيرها، وكل أنظاره متجهة إلى دول كاليمن وليبيا والسودان والجزائر وسوريا وإيران ولبنان..، وغيرها من الدول التي توجد بها بذور المُقاومة والمُمانعة، وقولي هذا لا يعني أنني أدعو إلى الحفاظ على الأنظمة بهذه الدول، بل بالعكس من ذلك، أدعو هذه الأنظمة وشعوبها إلى التحرك بسرعة، لإقامة جسور حقيقية تسمح بتغيير الأوضاع نحو الأفضل دونما الحاجة إلى استيراد النماذج المُصنّعة في الغرب وأمريكا، والتي تُروّج لها أنظمة الحُكّام الشّواذ ووسائلهم الإعلامية "المتآمرة" التي لا ترى أبدا، النّقاط السوداء في "دُويلة قطر" وما شابهها