خيوط المؤامرة على سوريا تتضح أكثر التاريخ:
30 مايو 2012
هل يمكن القول إن خيوط المؤامرة التي حيكت منذ قبل نشوب الأزمة بدأت تتضح أكثر فأكثر؟
جميع المؤشرات على الأرض والتحركات الدبلوماسية والسياسية الجارية الآن
هي التي تجيب على التساؤل السابق، مؤكدة أن المؤامرة تتضخم حاليًّا ككرة
الثلج، وأن ما يجري على الأرض يتعدى مجرد حقوق ومطالب، وذلك من خلال:
أولًا: إعلان العديد من الدول الغربية طرد السفراء والدبلوماسيين
السوريين البارزين من أراضيها على خلفية تحميل هذه الدول مسؤولية "مجزرة
الحولة" التي راح ضحيتها حوالي مئة وثمانية أشخاص يوم الجمعة الماضي،
للحكومة السورية، استنادا إلى "شبهات قوية"، وكما هو معروف أن من بين هذه
الدول الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا وبريطانيا
وأستراليا وكندا.
ثانيًا: إعلان روبرت كولفيل المتحدث باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان
في الأمم المتحدة أن "معظم ضحايا مجزرة بلدة الحولة في سوريا أعدموا
استنادًا إلى النتائج الأولية لتحقيق أجرته الأمم المتحدة"، مضيفًا "نعتقد
أن أقل من عشرين من الـ108 قتلوا نتيجة القصف بالمدفعية والدبابات"، وأن
"معظم الضحايا الآخرين أعدموا فورًا في حادثين مختلفين".
وما يثير الشكوك حول هذه التصريحات أن الأمم المتحدة بنت نتائجها على
شهادات معارضين سوريين، ولم ترسل محققين لتقصي الحقائق، فكيف يتم الانتهاء
إلى نتيجة بناء على شهود طرف واحد في الصراع الدائر ويكنُّ الكره والعداء
للحكومة السورية؟ ثم إن الأسلحة الثقيلة لم تكن حكرًا على الجيش السوري، بل
إن المعارضة السورية المسلحة غدت تمتلك هي أيضًا أسلحة ثقيلة.
ثالثًا: تلميح المراقبين الدوليين إلى أن المجزرة هي من تدبير الحكومة
السورية، وهنا يطرح هذا التلميح السؤال الآتي: كيف لحكومة محاصرة سياسيًّا
ودبلوماسيًّا واقتصاديًّا وتترقب تدخلًا عسكريًّا أجنبيًّا مباشرًا أن تقدم
على فعل يدفع أو يعجل بهذا السيناريو؟
رابعًا: هل هناك فرق بين دم سوري وآخر؟ إذا كانت الإجابة بالنفي فأين
المواقف الدولية الصادقة من تفجيرات دمشق وحلب ودير الزور التي قام بها
وتبناها مسلحون تابعون ومناصرون للمعارضة السورية المسلحة؟ وإذا كانت
الإجابة بالإيجاب فإن هذا يعني أن هناك ضوءًا أخضر، وتصريحًا مجانيًّا
لإراقة الدماء السورية، وهذا يعني أيضًا الدفع باتجاه الحرب الأهلية كخيار
آمن من الخسائر المادية والبشرية في حال التدخل العسكري الأجنبي المباشر
الذي قال رئيس فرنسا إنه لا يستبعده إذا وافق عليه مجلس الأمن الدولي.
خامسًا: الرسالة المفتوحة للكاتب الفرنسي الصهيوني برنار هنري ليفي إلى
فرنسوا هولاند والتي شدد فيها على ضرورة أن تعمد فرنسا إلى "اتخاذ المبادرة
في سوريا"، والتي تساءل فيها الكاتب الذي أقنع نيكولا ساركوزي بالتدخل
دبلوماسيًّا ثم عسكريًّا في ليبيا: "هل ستفعل فرنسا للحولة وحمص ما فعلته
لبنغازي ومصراتة (في ليبيا)؟ هل ستستخدمون رصيدكم الشخصي المعتبر ورصيد
بلادكم للعودة إلى حلفاء الأمس وتقرروا معهم ومع بريطانيا والولايات
المتحدة وجامعة الدول العربية وتركيا، استراتيجية تتجاوز الدعم الثابت
لمهمة أنان؟".
سادسًا: غياب الضغط الحقيقي على المعارضة السورية للاستجابة لخطة كوفي
أنان، وعدم مطالبتها بوقف العنف والانخراط في الحوار السياسي، بل إن هذه
المواقف التي صدرت في يوم أمس وحده، إضافة الى التصعيد الملحوظ في الرسالة
الاعلامية التحريضية، هي ضوء أخضر لتمادي المعارضة السورية في رفض الحوار
وتغليب لغة العنف.
بعد كل ما سبق هل هناك شك في أن ثمة مؤامرة حقيقية ضد سوريا وأنها تتضح خيوطها بالفعل الآن؟